للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنْ كنتَ قد أحببتَ فُرقةَ بينِنا … على كلِّ حالٍ فانتظِرْ غَيرَة الدَّهرِ

ومَنْ ينتظِرْ غدرَ الزَّمانِ بإلفهِ … يُلاقي الَّذي يهوى ولا يَكُ ذا عُذْرِ

وإلَّا فأيَّامُ الزَّمانِ بأسْرِها … أقَلُّ أذًى مِنْ أنْ تُمَحَّقَ بالهجْرِ

وهي لأبي بكر بن داود بن علي الأصفهاني.

طِراد بن محمد (١)

ابن علي بن الحسن (٢) بن محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم الإمام بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، أبو الفوارس، الزَّينبي، من ولد زينب بنت سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس، وهي أم ولد عبد الله بن محمد بن إبراهيم الإمام، وذلك أنَّ محمدًا تزوَّجها فأولدها عبد الله، كانت عظيمة في بني العباس في الفُضلاء مثل المنصور.

ووُلد طِراد في سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة، وسمع الحديث الكثير، ورحل الناس إليه من الأقطار، وأملى بجامع المنصور، وكان يحضر مجلسه جميعُ المحدثين والفقهاء والأشراف وقاضي القضاة أبو عبد الله الدامَغاني، وحجَّ سنة تسع وثمانين، فأملى بمكة والمدينة، وولي نقابة العباسيين بالبصرة، ثم انتقل إلى بغداد، وترسَّل من الخليفة إلى الملوك مرارًا، وبيته بيت رئاسة وجلالة، وتُوفِّي في شوال وقد جاوز التسعين، ودُفِنَ في داره بباب البصرة، ثم نُقِلَ في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وأربع مئة إلى مقابر الشهداء، وكان يُلقَّب بذي الشرفين شهاب الحضرتين، وكان يوم مات صحيحَ الأعضاء، سليمَ الحواس، وقد تورَّع بعضُ المحدِّثين عن الرواية عنه والسماع منه؛ لترسُّله إلى الملوك، وأخذِ أموالهم، وتصرُّفِه في الولايات، وهو فما كان يلتمس الرسل، وإنما كان الخلفاء يلزمونه ذلك إصلاحًا لأحوال المسلمين وانتظام الأحوال مع الملوك، ثقةً بأمانته وديانته وفضله وشرفه وطهارة أصله، والظاهر عنه التورُّع عن قبول أموالهم.


(١) المنتظم ١٧/ ٤٣ - ٤٤، والأنساب ٦/ ٣٤٦. وتنظر بقية المصادر في السير ١٩/ ٣٧.
(٢) تحرف في (خ) إلى: الحسين، والتصويب من (ب) والمصادر.