للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقصده الفرنج، فدخل عسقلان، وقُتِلَ من أصحابه عددٌ كثير، وأحرق الفرنج ما حول عسقلان، وقطعوا أشجارها، وعادوا إلى القدس.

وذكر أبو يعلى أنَّ فتوح المعرة كان في هذه السنة قبل القدس، فقال: زحف الفرنج في مُحرَّم هذه السنة إلى سور المعرة من الناحية الشرقية والشمالية، وأسندوا البرج إلى سورها، وكان أعلى منه، ولم تزل الحرب عليها إلى وقت المغرب من اليوم الرابع عشر من المُحرَّم، وصعدوا السور، وانكشف أهلُ البلد بعد أن تردَّدت إليهم رسل الفرنج، وأعطوهم الأمان على نفوسهم وأموالهم وأن لايدخلوا إليهم، بل يبعثوا إليهم شحنة، فمنع من ذلك الخلف بين أهلها، وملكوا البلد بعد المغرب، وقُتِلَ من الفريقين خلقٌ كثير، ثم أعطوهم الأمان وغدروا بهم، ورحلوا في آخر رجب إلى القدس، وانجفل الناس بين أيديهم، فجاؤوا إلى الرملة فأخذوها عند إدراك الغلَّة، وانتهوا إلى القدس، وقاتلوا أهلَه، وألصقوا البرج إلى السور.

وبلغهم خروج الأفضل من مصر، فجدُّوا في القتال، ونزلوا من السور، وقتلوا خلقًا كثيرًا، وجمعوا اليهود في الكنيسة وأحرقوها عليهم، وهدموا المشاهدَ وقبرَ الخليل ، وتسلَّموا محراب داود بالأمان، ووصل الأفضلُ بالعساكر وقد فات الأمر، فنزل ظاهرَ عسقلان في رابع عشر رمضان ينتظر الأسطول في البحر والعرب، فنهض إليه الفرنج في [خلقٍ عظيم، فانهزم العسكر المصري إلى ناحية عسقلان، ودخل الأفضل عسقلان، ولعبت سيوف الفرنج في (١)] العسكر والراجل والمطوعة وأهل البلد، وكانوا زُهاءً عن عشرة آلاف، ومضى الأفضل إلى مصر، وقرَّروا على أهل البلد عشرين ألف دينار تُحمل إليهم، وشرعوا في جبايتها من أهل البلد، فاختلف المُقدَّمون فرحلوا ولم يقبضوا من المال شيئًا.

وحُكيَ أنَّه قُتِلَ في هذه الوقعة (٢) من أهل عسقلان من شهودها وبناتها وتجارها وأحداثها سوى أجنادها ألفان وسبع مئة نفس، ولمَّا تمت هذه الحادثة خرج


(١) ما بين حاصرتين من (ب).
(٢) في (خ) السنة، والمثبت من (ب).