للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان [أبو] (١) ابنِ عطاش في أول أمره طبيبًا، فأخذه السُّلْطان طُغْرلْبَك، وأراد قتله لأَجْلِ مذهبه، فأظهر التَّوبة، ومضى إلى الرَّي، وصاحَبَ أبا عليٍّ النَّيسابوري، وكان مقدَّمهم بالرَّي، وصاهَرَه، وجمَعَ رِسالةً في الدُّعاء إلى هذا المذهب سمَّاها العقيقة، وماتَ ببعضِ بلاد الرَّي، وجاء ابنُه أحمد فمَلكَ القلعة، واسْمُها شاه دِزْ.

[قلتُ: وهذا الذي ذكره أربابُ السِّيَر بالعراق من حديثِ هذه القلعة وابنِ عطاش، حكاه (٢) جدّي في "المنتظم" (٣).

ووقعتْ في تاريخ أبي يعلى حمزة بن القلانسي، فذكَرَها (٤)، وقال: وفي سنةِ خمس مئة ورَدَتِ الأخبارُ متواترةً باهتمام السُّلْطان غياثِ الدُّنيا والدِّين محمَّد بن ملك شاه بمحاصرة قلعة الباطنية وهَدْمِها، وأراحَ العالم منها، ومن الشَّرِّ المُتَّصِلِ بها] (٥)، وأنشأَ كتابَ الفَتْح (٦) بوَصفِ الحال، وهو كتابٌ طويل (٧)، منه: وفتَحْنا قلعةَ شاه دِز الذي شَمَخَ بها الباطلُ وبَذَخَ (٨)، وباضَ الشَّيطانُ فيها وأفرخَ، وكانت قذًى في عيون الممالك، وسببًا (٩) إلى التَّورُّطِ بالمُسْلمين في المهاوي والمهالك، وكان بها ابنُ عَطَّاش الذي طار عَقْلُه في مَدْرجِ الضَّلال وطاش، فكان يستبيحُ دماءَ المُسلمين ويراها هَدَرًا، ويستحِلُّ أموالهم غَرَرًا، فكم من دماءٍ سُفِكَت، وحُرَمٍ انتُهِكتْ، وأموالٍ استُهْلِكت، وشَرَقاتٍ (١٠) تَجرَعُها النُّفوسُ فما اسْتُدرِكَتْ.


(١) ما بين حاصرتين من (م).
(٢) في (م) و (ش): وحكاه، والصواب ما هو مثبت.
(٣) انظر "المنتظم": ٩/ ١٥٠ - ١٥١، و"الكامل" لابن الأثير: ١٠/ ٤٣٥ - ٤٣٤، و"سير أعلام النبلاء": ١٩/ ٢٦٧.
(٤) في (م) و (ش)؛ وذكرها، والصواب ما هو مثبت.
(٥) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٦) في (ع): الفصيح، وهو تحريف. وفي (م) و (ش)، وأنشأ كتاب الفتح بوصف الحال فيها إلى سائر أعماله ليقرأ على المنابر، ومن جملة ما كتب: وكانت هذه القلعة من أمهات القلاع …
(٧) انظر الكتاب بتمامه في "ذيل تاريخ دمشق" لابن القلانسي: ٢٤٥ - ٢٥٠.
(٨) شمخ وبذخ: كلاهما بمعنى تكبَّر وعلا، انظر "معجم من اللغة" ١/ ٢٥٨، ٣/ ٣٦٥.
(٩) في (ب): وسبيلًا.
(١٠) من الشَّرَق: وهو دخول الماء الحلق حتى يَغَصَّ به. "اللسان" (شرق).