للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومِنُوشَهر هو الذي خَطَب تلك الخُطبة الطويلة التي ذكرناها فيما تقدَّم، لمّا تغلَّبَ التركُ على البلاد (١).

[فصل]

وملك بعده أفَرْاسياب بن فارس من ولد أفريدون، ويقال له: التركي؛ لأنه أقام ببلد التُّرك فنُسِب إليها، لا أنه تركيٌّ.

وذكره ابن مسكويه فقال: ثم نشأ أفراسياب بن ترك، وإليه تُنسب الترك من ولد طوج بن أفريدون، فحارب منوشهر، وحصره بَطبَرِسْتان، ثم إن منوشهر وأفراسياب اصطلحا وضربا بينهما حدًّا لا يجاوزه واحد منهما، وهو نهر بَلْخ، فلما مات منوشهر تغلَّبَ أفراسياب على بابل ومملكة فارس، وأقام بِمهْرِجان قَذَق، وعاث في الأرض ودَفَن القُنِيَّ، وغَوَّر المياه، فقَحِطَ الناسُ وأصابهم الجَهْد والبلاء (٢)، وقد أشرنا إلى هذا فيما تقدم (٣).

فلما مضى من مُلكه اثنتا عشرة سنة، خرج عليه رجل من ولد منوشهر، واختلفوا في اسمه على أقوال، أحدها: زو بن (٤) بهماسب، والثاني: زاب بن طهماسب، قاله هارون بن المأمون، والثالث: زوبا، والرابع: زاغ (٥)، واتَّفقوا على أنه من ولد منوشهر.

وقال هارون بن المأمون: لما مات منوشهر تَغلَّب أفراسياب على الفرس، وأخرب البلاد، وظلم وجار، فقَحِط الناس، فظهر زاب بن طهماسب، وكان منوشهر قد طرد أباه إلى بلاد الترك، فتزوج هناك امرأة فولدت له زاب بن طهماسب، فلما كبر زاب قتل جدَّه لأمه، وتبعه جنده، فسار نحو أفراسياب، فأخرجه عن بلاد فارس إلى الترك،


(١) انظر فصل في افريدون.
(٢) تجارب الأمم ١/ ٢ أو ١٧، وانظر تاريخ الطبري ١/ ٣٨٠ و ٤٥٣، ومروج الذهب ٥/ ١١٧ - ١١٨.
(٣) انظر فصل في افريدون.
(٤) في النسخ: دو، والمثبت من تاريخ الطبري ١/ ٤٥٣، ومروج الذهب ٥/ ١١٨، والبدء والتاريخ ٣/ ١٤٧، وتجارب الأمم ١/ ١٨.
(٥) في تاربخ الطبري وتجارب الأمم: زو، زاب، زاغ، زاسب.