للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل]

ثم ملك بعده بشتاسف بن لهراسب، فغزا بلاد الترك وأوغل فيها، ويقال: إن أباه لم يمت، وإنما عَهد إليه.

ولما دخل بلاد الترك خلف أباه لهراسب ببلْخ في أثقاله، فجاء ابن أخي أفراسياب فقطع النهر وحاصر بَلْخًا، ولم يثبت له لهراسب، وكان قد كبر وأسنَّ فقتله ابن أخي أفراسياب، وأسر ابنتين كانتا لبستاسف، يقال لإحداهما: خُمانى، والأخرى: ياذفوه (١). وبلغ بشتاسف فعاد، وكان قد حبس ولده اسفنديار، فأطلقه وجَهّز معه الجيوش، فدخل بلاد الترك، وهزم ابن أخي أفراسياب، وقتل عسكره، وسبى، واستنقذ أختَيْه، وعاد إلى أبيه، فخاف منه أبوه، فأرسله إلى رستم وكان قد عصى عليه، فقتله رستم.

وفي أيام بشتاسف رجع بنو إسرائيل إلى القدس، وعاش العُزير، فظهرت المجوسية على يد زَرَادُشْت المجوسي.

فصل في ذِكره

قال علماء السِّيَر: هو زَرادُشْت بن أسبيمان (٢)، من ولد مِنُوجِهر، ادَّعى أنه نبيُّ المجوس، وظهر بأَذْرَبيجان، فكان يُخبر بالعجائب، فيقول: يموت فلانٌ في اليوم الفلاني، ويُولد فلان في الوقت الفلاني، وأشباه هذا. وقيل: كان ساحرًا.

وجاءهم بكتاب سمّاه: "بستاه"، يدور على ستين حرفًا من حروف الهند، فيه الغرائبُ، حتى قيل: إنه يكتبُ في الرفوف، ويُجلَّد بجلد اثنتي عشرة ألف بقرةٍ (٣). قلت: وهو قول بعيد. ولم تزل ملوك الفرس تُعظِّمُه وتعمل به، وتبني له الهياكلَ، حتى غزاهم الإسكندر اليونانيُّ فأحرق بعضَه، وبقي بعضُه في خزائن الهند.


(١) في تاريخ الطبري ١/ ٥٦٢: باذفراه.
(٢) في (خ) و (ك): أسمان، وفي (ب): أسمان، والمثبت من مروج الذهب ٥/ ١٢٤، وعند الطبري ١/ ٥٦١: أسفيمان.
(٣) في تاريخ الطبري ١/ ٥٦١، وتجارب الأمم ١/ ٣٠: فكُتب في جلد اثني عشرة ألف بقرة حفرًا في الجلود ونقشًا بالذهب. وانظر مروج الذهب ٢/ ١٢٥.