للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعاد طغتكين إلى الرَّمْلة (١) غربي بغداد، فنزل في مخيَّمه، وبكى النَّاس على أحمديل، وأحرق غِلْمانُه رَحله وخيامه.

وطلب طُغْتِكين دُسْتورًا إلى دمشق، فأُعطي، فسار بالخِلَع ومراكب الذَّهب والفِضة، ووعده السُّلْطان أن يُنْفِذَ إليه عسكرًا، وكتَبَ السُّلْطان إلى البُرْسُقي إلى هَمَذَان ليحضر، فحضر في عساكره، وسار إلى الشَّام، فتلقَّاه طُغْتِكين وأكرمه.

وكان ابنُ صنجيل صاحب طرابُلُس قد خَرَجَ، فنزل عين الجَر (٢)، وأخرب البِقاع، فخرجا إليه، فبيَّتاه ليلًا، وقتَلا من أصحابه ثلاثة آلاف، وأسرا مِثْلَهم، وعاد إلى دمشق، وانهزم ابنُ صنجيل في نَفَرٍ يسير، وعاد البُرْسُقي إلى العراق بعد أن خدمه أتابك وأكرمه، وتأكدت الصَّداقة بينهما والمودَّة.

[وذكر أبو يعلى] ابن القَلانسي أن هذه الوقعة كانت سنةَ عشرٍ وخمس مئة، [وأنَّ البُرْسُقي كانت له المَوْصِل، وسنذكره هناك] (٣).

[فصل: وفيها تُوفِّي

[ابن] قيراط الدِّمَشقْي (٤)

واسمه سُبَيع بن المُسَلَّم بن عليّ، أبو الوَحْش (٥)، الضّرير المقرئ.

ولد سنة تسعَ عشرة وأربع مئة، وقرأ القرآن بحرف ابن عامر على رشأ بن نظيف، وأبي علي الأَهْوازي، وسَمِعَ الحديث منهما ومن غيرِهما، وروى عن الخَطيب أَيضًا، ولم يَزَلْ ملازمًا للجامع إلى أن تُوفِّي، ودُفِنَ بالباب الصَّغير.


(١) قال ياقوت في "معجم البلدان": ٣/ ٦٩: محلة خربت نحو شاطئ دجلة مقابل الكرخ ببغداد.
(٢) يقال لها الآن عنجر.
(٣) في (ع) و (ب): وقال، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش)، وانظر ص ٩٤ من هذا الجزء.
(٤) له ترجمة في "ذيل تاريخ دمشق" لابن القلانسي: ٣٠٦، و"تاريخ ابن عساكر" (خ) (س): ٧/ ٦٧ - ٦٨، و"معرفة القراء" للذهبي: ٢/ ٨٨٨، و"العبر" ٤/ ١٦، و"عيون التواريخ" (خ) ١٣/ ٣٠٩، و"غاية النهاية": ١/ ٣٠١، و"توضيح المشتبه": ٩/ ١٧٧، و"شذرات الذهب": ٤/ ٢٣، وما بين حاصرتين منها.
(٥) في (م) و (ش) أبو الحسن، وهو تحريف، والمثبت من مصادر ترجمته.