للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولد في شوال سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة، وتفقَّه على القاضي أبي يعلى بن الفراء، وسَمِعَ الحديث وحدَّث، وأفتى ودَرَّسَ، وصنف "الهداية" وغيرها، وشَهِدَ عند قاضي القضاة أبي عبد الله الدَّامَغَاني، وكان [عاقلًا] (١) فاضلًا شاعرًا، وله قصيد من جِنْسِ العقيدة، أوَّلُها: [من الكامل]

دَعْ عنك تَذْكارَ الخليطِ المُنْجِدِ … والشوقَ نحو الآنساتِ الخُرَّدِ (٢)

والنَّوْحَ في أطلال سُعدى إنما … تَذْكارُ سُعدى شُغْلُ مَنْ لم يُسْعَدِ

واسْمَعْ مقالي إنْ أردتَ تخلُّصًا … يومَ الحسابِ وخُذْ بهديي تَهْتَدِي

قالوا بِمَ عَرَف المكلَّفُ رَبَّهُ؟ … فأجبتُ بالنَّظر الصحِيحِ المُرْشِدِ

قالوا فهل رَبُّ الخلائقِ واحد؟ … قلتُ الكمالُ لربنا المُتَفَرِّدِ

قالوا فهل لله عندك مُشْبِهٌ؟ … قلتُ المُشَبِّهُ في الجحيمِ المُوْصَدِ

قالوا فهل تَصِفُ الإلهَ، أَبِنْ لنا؟ … قلت الصفاتُ لذي الجلالِ السرْمدي

قالوا فهل تلك الصِّفاتُ قديمة … كالذَّاتِ؟ قلتُ كذاكَ لم تتجدَّدِ

قالوا فأنتَ تراه جِسْمًا، قُلْ لنا؟ … قلتُ المُجَسمُ عندنا كالمُلْحِدِ

قالوا فهل هو في الأماكن كلها؟ … فأجبت بل في العُلْو مذهبُ أحمدِ (٣)

قالوا أتزعُمُ أنْ على العَرْشِ اسْتوى؟ … قلتُ الصَّوابُ كذاك خَبَّرَ (٤) سيدي

قالوا فما معنى اسْتِوَاه، أبِنْ لنا؟ … فأجَبْتُهُمْ هذا سؤالُ المُعْتدي

قالوا النُّزولُ؟ فقلتُ ناقِلُهُ لنا (٥) … قَوم تَمَسُّكُهُمْ بشَرْعِ محمَّدِ

قالوا فكيفَ نزولُهُ؟ فأجَبْتُهُمْ … لم يُنْقَلِ التكييفُ لي في مُسْنَدِ

قالوا فَيُنْظَرُ بالعيونِ، أَبِنْ لنا … فأجَبْتُ رُؤيَتُهُ لمنْ هو مُهْتَدِي

قالوا فهل لله عِلْمٌ؟ قلتُ ما … مِنْ عالِمٍ إلا بعِلْم مُرْتدي

قالوا فيوصَفُ بالكلامِ، أبِنْ لنا … قلتُ السكوتُ نقيصةُ المتوحِّدِ


(١) ما بين حاصرتين من (م)، وفي (ش): وكان عاقلًا شاعرًا، فاضلًا لبيبًا ماهرًا.
(٢) خُرَّد، جمع نادر، مفرده خريدة وخريد وخَرُود، وهي من النساء البكر التي لم تمسس قط. "اللسان" (خرد).
(٣) في (م): فأجبت علوًا ذاك مذهب أحمد.
(٤) في (ع) و (ب) يخبر، والمثبت من (م) و (ش).
(٥) في (ع) و (ب): له، والمثبت من (م) و (ش).