للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب التَّاسع والعشرون في خلافة المسترشد بالله

الفَضْل بن أحمد المستظهر، وكُنْيتُه أبو منصور، وُلد ليلة الأربعاء رابع ربيع الأول سنة أربعٍ وثمانين وأربع مئة، وقيل: سنة خمس - أو سِتٍّ - وثمانين، وأُمُّه لُبابة - ويقال لها طُرْفة - أُم وَلَد، وبويع بالخلافة يوم الخميس الرَّابع والعشرين من ربيعِ الآخر، فبايعه إخوته، وعُمومته، والقُضَاة والفقهاء، وأربابُ الدولة، وتولَّى أخذ البيعة له قاضي القُضَاة أبو الحسن عليُّ بن محمد الدَّامَغَاني، وكان ينوبُ في الوِزَارة.

ويقال: إنَّ سبعةً من أولاد الخلفاء سَلَّموا عليه بالخلافة، وكان أبوه قد نَصَّ عليه.

وسِنُّه يوم بُويع ثلاثون سنة على الاختلافِ في مَوْلده.

وطلب المُسترشد عليَّ بنَ عَقيل ليبايعه، فجاء، فقال: أبايعُ سَيِّدَنا ومولانا أَمير المؤمنين على كتابِ الله وسُنَّةِ نبيه [محمد] (١) ، وسُنَّةِ الخلفاء الرَّاشدين ما أطاق واستطاع، وعلى الطَّاعة مني، فقال [المسترشد] (١): نَعمْ، وبَسَطَ يده، فقبَّلها وتركها على عينه، وقال [ابن عقيل: و] (٢) هذه زيادة على ما فعلتُ في بيعة المستظهر تعظيمًا له وحدَه من دون سائر الخلفاء لما نَشَأ عليه من الخَيْر والصَّلاح، وتَرْكِه اللَّهْوَ، وسلوكِهِ طريقَ جَدِّه القادر. وكان [المسترشد] (٢) قد قرأ القرآن، وسمع الحديث.

ثم أُبرز تابوتُ المستظهر يوم البيعة بين الصَّلاتين، فَصَلَّى عليه المسترشد، وكَبَّر أربعًا، وجَلَس قاضي القُضاة بباب الفِرْدوس للعَزَاء ثلاثة أيام.

وفي أيام العَزَاء نَزَلَ الأَمير أبو الحسن بن المستظهر في الليل من التَّاج، وأخَذَ معه رجلًا هاشميًا من الحُماة الذين يبيتون تحت التَّاج، ومضى إلى حِلَّة دُبَيْس بن صَدَقة، فالتقاه، وقبَّلَ الأرضَ بين يديه، وأنزله في دار الذَّهب، وخدَمه، وأكرمه، وكان كل يوم يدخل عليه، فيقبِّلُ الأرضَ بين يديه، ويستعرض حوائجه.

وبعث المسترشد نقيب النُّقباء أبا القاسم علي بن طِرَاد ليأخذ البيعة على دُبَيْس، ويستعيد أخاه، فأعطى البيعة، وامتنعَ مِنْ تسليم أبي الحسن، وقال: هذا عندي


(١) ما بين حاصرتين من (ب).
(٢) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).