للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لأن عسكره كان أضعاف عسكر محمود، وإنما الله نصر محمودًا لضعفه] (١)، فأرسل إلى محمود يقول: أنت ابنُ أخي وولدي، وما أواخذك لأنَّك محمولٌ على ما صنعتَ، ولا أواخذ أحدًا من أصحابك، لأنهم لم يطَّلِعُوا على حُسْن نيَّتي فيهم، وجميلِ مقاصدي. فقابل محمودٌ رسالتَه بالسَّمع والطَّاعة، وسأله أن يجعله مثل بعض مماليكه أو أولاده، وجاء [محمود إلى سنجر] (١) بنفسه، وسنجر جالسٌ على سريره، فقبَّل الأرض [بين يديه] (١)، ووقف إلى جانب السَّرير، فقام إليه سنجر وأعتَنَقَه، وقبَّل ما بين عينٍه، وأَجْلَسه إلى جانبه، وخَلَع عليه خِلَعَ السَّلْطنة. وكان على سرج الفَرَس الذي أعطاه جواهر قيمتها عشرون ألف دينار، وناوله سنجر بيده من الطَّعام أُكْلَةً (٢)، وهي عادةُ التُّرْك في صفاء المودَّة وإزالة الوَحْشة، وخَلَعَ على أصحابه، وأَحْسَنَ إليهم، وأفردَ لمحمود أصبهان يكون شِحْنةً فيها، وخَيَّره بين بلاد فارس وخوزستان، وجعله وليَّ عهده، وأقام سنجر أيامًا، وعاد إلى خُراسان، وشَيَّعه محمود فراسخ، ثم رجع إلى أصبهان (٣).

[فصل: وفيها عُزِلَ القاضي أبو علي الحسن بن إبراهيم الفارقي عن قضاء واسط، وولي أبو المكارم علي بن أحمد البخاري] (٤).

وفي شوَّال وصل القاضي الهَرَوِيّ رسولًا من سنجر، وتلقَّاه الوزير وأربابُ الدَّوْلة، وحَضَرَ في الدِّيوان، ومعه للخليفة تخوتٌ من الثِّياب ومماليك وهدايا (٥).

وفيها بَعَثَ دُبَيْس إلى الخليفة يقول: إنَّه كان مِنْ شرطي أنَّني متى شِئْتُ أن أرى الأَمير أبا الحسن أُعيد إليَّ لأراه، وقد بلغني أنه في ضائقة. فقال الخليفة: إنْ أحببتَ أَنْ تراه فادْخُلْ إليه، أو ابعث مَنْ تثقُ به ليراه، أما أن يخرجَ إليك فلا.


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) الأُكْلة: اللقمة. "معجم متن اللغة": ١/ ١٩٢.
(٣) انظر "الكامل": ١٠/ ٥٤٨ - ٥٥٣.
(٤) ما بين حاصرتين من (م) و (ش)، وانظر "المنتظم": ٩/ ٢٠٥ - ٢٠٦ وبعد هذا الخبر في (ع) و (ب) قال ابن القلانسي: وفيها وردت الأخبار من العراق .. إلى قوله: إلى أصفهان، وقد ورد هذا الخبر في (م) و (ش) بعد قوله: وفيها أحضر المسترشد أخاه، وقد آثرنا إيراد الأخبار كما وردت في (م) و (ش) ليتصل النقل عن ابن الجوزي، ثم عن ابن القلانسي.
(٥) انظر "المنتظم": ٩/ ٢٠٦.