للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وذكر غيرُ ابنِ القلانسي من أهل الشَّام أنَّ] (١) في هذه السنة مات بردويل صاحبُ القدس، فضبط برشان الرُّهاوي الأمر إلى أن وصَلَ الملك كندهري من قبل الباب خليفة الفرنج [في القدس] (٢)، فأغار على أذرعات وأطراف الشَّام. وكان طُغْتِكين بالبَثَنِيَّة (٣)، فبعث بولده بوري مع عَسكرٍ، وأقام هو موضعه رِدءًا لهم، والتقوا، فظهر الفرنج على بوري، فعاد إلى أبيه ودخلا دمشق، ومضى طُغْتِكين إلى حلب مستصرخًا بإيلغازي - وكان أول ما ملكها - فأقام أتابك عنده، وشَرَعَ بجمع العساكر، واغتنمت الفرنج غيبته، فقصدوا الشَّام، ووصلوا إلى حوران، فالتجأ أهله إلى اللَّجاة.

وكان بين أهل قرية شَقراء وأهل قرية بُسر عداوةٌ، فحمل أهلُ شقراء ذلك على أن دَلُّوا الفرنج على طريق سهلةٍ، فجاؤوا، وقتلوا أهل بُسر، ودخلوا اللَّجاة، فقتلوا وأسروا، وعادوا إلى القُدس.

ولما بلغ أصحاب أنطاكية [هذا] (٤) جمعوا [وحشدوا] (٤)، وقصدوا بلد حلب، ونزلوا على [مكان يقال له] (٤) أرتاح (٥) في خمسةِ آلاف فارس، وثمانية آلاف راجل، وأشاع إيلغازي أنَّ طُغْتِكين واصِلٌ من دمشق، وما كان إلا جريدةً عنده، فخرج إيلغازي وعَمِلَ كمينًا، فلما التقى الفريقان ظهر الكمين، وضربوا البوقات والطُّبول، فظنُّوه طُغْتِكين، فانهزموا، وعَمِلَ فيهم السيف قَتْلًا وأسْرًا، وأُفلت برجار بن طنكري (٦) ملك الفرنج مجروحًا، فقال الحَصكفي يخاطبُ طُغْتِكين: [من الخفيف]

باتَ بُرْجارُ مِنْ أعَزِّ الموالي … فاغتدى وَهْو مِنْ أذَلِّ العبيدِ


(١) في (ع) و (ب) وقيل: إن في هذه السنة مات بردويل، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) ما بين حاصرتين من (م).
(٣) البثنية، ويقال: البثنة، قرية بين دمشق وأذرعات، انظر "معجم البلدان": ١/ ٣٣٨.
(٤) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٥) في (ع) و (ب) أرتات، وفي (م) و (ش) أريان، وهو تحريف عن أرتاح كما جاء مصرحًا به في "الحروب الصليبية" لوليم الصوري: ٢/ ٣٤٩ (ترجمة د. حسن حبشي)، وهو ما أثبته، وأرتاح هو حصن منيع كان من أعمال حلب، انظر "معجم البلدان": ١/ ١٤٠.
(٦) برجار هو ثعريب روجر صاحب أنطاكية، وهو ابن أخت تانكرد لا ابنه، وقد قتل في هذه المعركة، والأبيات التالية تدل على ذلك، وانظر "الحروب الصليبية" لوليم الصوري: ٢/ ٣٤٨ - ٣٥٢، و"تاريخ الحروب الصليبية" لرنسيمان: ٢/ ٢٠٣، ٢٣٨ - ٢٣٩.