للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان سبُ الهزيمة، أنَّ البُرْسُقي رأى في ميسرته خللًا، فأمر بحطِ خيمته وأنْ تُحمل فتنصب في الميسرة؛ يشجعهم بذلك، وكان من سوءِ الرأي، لأَنَّ أصحابه لما رأوا الخيمة قد حُطَّت، انهزموا، وكان الحَرُّ شديدًا، فهلكت الخيل من العَطَش.

ثم إنَّ دُبيسًا كاتَبَ الخليفة يسأله الصُّلْح، فأجابه، وتقرَّرَتْ قواعد الصُّلْح، ونَدَبَ قاضي القضاة الزَّيْنبيَّ للخروج إلى دُبَيْس، فعَلِمَ بُعد الصُّلْح (١)، فاستعفى فأُعفيَ، ونصَّ على ابنِ الرُّطَبي، فخرج مع ناصح الدولة ابن جَهِير، وتبعهما إقبال الخادم، وعادوا من الحِلَّة، فقصدوا دار الوزير ابن صَدَقَة ليوهموه خلافَ ما هم عليه من تقرُّرِ الأحوال على عَزْله، فلم يَخْفَ عليه، وعلم أَنَّ التَّدبير استقرَّ على عزله، وكان دُبَيْس وابنُ صَدَقة عدوَّيْن مُعْلِنَيْنِ بالعداوة، وأصبح ابنُ صدقة فجلس في الدِّيوان على عادته، فأُقيم إلى مكانٍ، ووكّلَ به، ونُهبت دارُه بباب العامَّة، ودُور أصحا به وحواشيه، واستناب الخليفةُ في الدِّيوان عليَّ بن طِراد الزَّينبي، وخَلَعَ عليه من ملابس الخاص، وكان في توقيعه: محلُّكَ يا نقيبَ النُّقباء من شريف الآراء، وموضعك الحال بالاختصاص والاختيار ما يقتضيه التعويلُ عليك في تنفيذ المهام، والمرجوع إلى استقرارك في النّيابة التي تُحْسِنُ بها القيام، وجماعةُ الأولياءِ مأمورون بمتابعتك، وامتثال ما تصرفهم فيه من الخِدَم في إبدائك وإعادتك، فاحفظْ نظامَ الدّيوان، وتقدَّمْ إلى من جَرَتْ عادتُه بملازمة الخِدَم من سائر الأعوان، وتوفَّر على مراعاة الأحوال بانشراحِ صَدْرٍ وفراغ بال، فإنَّ الإنعام لك شامل، وبَنيْلِ آمالك كافِلٌ، إنْ شاء الله تعالى.

ثم تقدَّم الخليفة بعد مُدَّة من عَزلِ ابنِ صدقة لإطلاقه إلى دار يُمْن الخادم، وجَمَعَ بينه وبين أهله [وولده] (٢).

وفيها قَدِمَ أبو سَعد الهروي من عند سنجر بهدايا ومال، وأخبر أنَّ السُّلْطان محمودًا قد استوزر عثمان بن نظام المُلْك، وسأل الخليفةَ أن يستوزر أخاه أحمد بن نظام


(١) في (ع) الصلاح، والمثبت من (ب)، وفي "المنتظم": ٩/ ٢٣٣؛ واستقر إنفاذ قاضي القضاة الزيني ليحلف سيف الدولة على المستقر فعله بعد الصلاح، فاستعفى فأعفي.
(٢) ما بين حاصرتين من (ب)، وانظر "المنتظم": ٩/ ٢٣١ - ٢٣٤.