للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما استولى على مُلك فارس عرض جيشه فكان ألف ألف وأربع مئة ألف، وكان عسكرُ دارا ألف ألف، وعسكر الإسكندر أربع مئة ألف.

وشرع فهَدم بيوت النِّيران، وقتل المَوابِذة، وأحرق كتبهم، وسار إلى الشرق فأوغل في الهند والصين، وفتح المدائن، ودانت له الملوك، وبنى مدينة أصبهان وهراة ومرو وسمرقند.

ولما وصل إلى الهند خرج إليه ملكها في ألف فيل عليها المقاتلة، وفي خراطيمها السيوف، فلم تثبت لها خيل الإسكندر، فصنع فيلة من نحاس مجوَّفة، وربط خيله بينها حتى ألِفَتْها، وملأها نفطًا وكبريتًا، ثم ألبسها السلاح، وجرّها على العَجَل إلى ناحية العدو، وبينها الرجال، فلما نَشِبت الحرب أمر بإشعال النار في أجوافها، فلما أُشعِلت تنحَّت عنها الرجال، وغشيتها فيلة الهند، فضربتها بخراطيمها، فاحترقت وولَّت هاربةً، فكانت الدائرة على ملك الهند.

[ذكر قصته مع بود ملك الصين]

وهو صاحب مدينة المانكير، ولما نزل الإسكندر على المانكير خرج إليه الملك، وأرسل إليه يقول: علام تُفني العالم؟ ابرُزْ إليَّ، فإن قتلتني كنت الملك، وإن قتلتك فأنا الملك. فتيمَّن الإسكندرُ لكونه بدأ بنفسه في ذكر القتل، فبرز إليه، فتجاولا ساعةً، فقتله الإسكندر وأخذ بلاده.

ذكر قصته مع كند (١)

كان بأقصى الهند مَلِكٌ حكيمٌ عادل، صاحب سياسة، واسمه كند، أتت عليه سنون كثيرة. فكتب إليه الإسكندرُ يستدعيه ويتوعَّدُه إن تأخر عنه. فكتب إليه يتلطَّفُه ويعتذرُ إليه بِكبر السنّ ويقول: قد بعثت إليك بهدايا لم يقدر عليها أحد من الملوك، منها: فيلسوف يخبر بالمقصود قبل أن يُسأل عنه، وطبيب لا يُخاف معه إلا الداء المحتوم، وجارية لم تطلع الشمس على مثلها، وقَدَح إذا ملأتَه شرب منه جميعُ عسكرك لا ينقصُ منه شيء.


(١) انظر مروج الذهب ٢/ ٢٦٠.