للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دُبَيس بنُ صَدَقَة بنِ منصور بن دُبَيس (١)

ابن علي بن مَزْيَد، أبو الأَغَرّ الأَسَدِي.

أصله من بني أسد، وقيل من بني خَفَاجة، وأَوَّل مَنْ نبغ من بيته جَدُّه الأكبر مَزْيَد في أيام بني بُوَيه، فوَّضوا إليه حماية قرية يقال لها سُورا -أو الوقف (٢) - من أعمال بغداد، فكان يحمي مرَّة، ويُغَارّ أُخرى، ثم مات.

فقام عليٌّ ولدُه مقامه، وكان عائنًا؛ ما وقعتْ عَيْنُه على شيء إلا هَلَكَ، نظر يومًا إلى ابنه بَدْران، فاستحسنه، فمات، وكان يبغض ابنه منصورًا، فقيل له في ذلك، فقال: رأيتُ في المنام كأنَّه بَلَغَ عَنَان السَّماء وبيده فأسٌ، وهو يقلع الكواكب، ويرمي بها إلى الأرض، ثم وقع بعدها، ولا أشك أنه يبلغ الغاية العليا، ثم يهلك.

ثم مات دُبَيْس، وقام بعده ابنه منصور، فجرى في أيام القائم منه (٣) ما جرى، فإنه لما أخرج القائم إلى الحديثة، عاد ودَخَلَ بغداد، ونَدِمَ حيث لم ينهب دار الخلافة كما فعل قريش، ثم باين البساسيري وقريشًا بهذا السَّبب.

ثم مات منصور وخَلَفَ ابنُه صدَقَة، فخدم ملك شاه، وكان يتردَّدُ إلى بابه، ويحمل إليه الأموال، فلما قُتِلَ نظامُ الملك ومات ملك شاه أَظْهَرَ الخِلافَ لِبَرْكْيارُوق، وعَلِمَ أَن الحِلَّة لا تحميه، فبنى مكانًا على تل بالبطيحة، وشَقَّ حوله الماء، ونقل إليه أمواله، ثم بنى الحِلَّة وخَنْدَقَ عليها، وغَرَسَ فيها البساتين، ثم صار الناس يستجيرون به، فيجيرهم، ثم أُعطي دارًا ببغداد، فَعَمَرها وكانت لِبهْرُوز الخادم، ولقَّبَ نفسه سيفَ الدولة، والتجأ إليه العَرَبُ وقُطَّاع الطَّريق، وطمع في البلاد، فانْتُدِبَ له العميد أبو جعفر ثقة الملك، فأخذ فتاوي الفقهاء بقتاله، وأنَّه لا يقام عنده جُمُعة، ولا جماعة، وأنهم يسبُّون الصَّحابة ﵃ في بلده، ولا عندهم أذان ولا إقامة، وأنهم


(١) له ترجمة في "المنتظم": ١٠/ ٥٢ - ٥٣، و"خريدة القصر، قسم شعراء العراق: ج ٤ / م ١/ ١٧٠ - ١٧٢، و"الكامل" ١١/ ٣٠، و"وفيات الأعيان" ٢١/ ٢٦٣، و"سير أعلام النبلاء": ١٩/ ٦١٢ - ٦١٣.
وفيه تتمة مصادر ترجمته.
(٢) في (ع) و (ح) يقال لها سورا وللوقف، وقد استظهرتها هكذا، والله أعلم، انظر "معجم البلدان" ٣/ ٢٧٨.
(٣) خروج القائم إلى حديثة عانة، ونهب بغداد جرى في أيام دُبيس بن علي، وذلك سنة (٤٥٠ هـ) لا في أيام منصور، وهذا وهم من سبط ابن الجوزي، والله أعلم، انظر "المنتظم": ٨/ ١٩١ - ٢١٢.