للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثَّالث: أَنَّه قتله قومٌ من الباطنية، وقُتِلُوا بعده، وكان قد داسَ بلادهم وأَخْربها، وبعثهم إليه مسعود وسنجر، فقتلوه كما قتلوا أباه.

وذكر العمادُ الكاتب [في "الخريدة"] (١) ما يدلُّ على هذا فقال: تنقَّل الرَّاشد في البلاد: ديار بكر وأَذْربيجان ومازَنْدران، وعاد إلى أَصبهان، فأقام مع السُّلْطان داود بن محمود، والبلد مُحاصر، وهناك قحطٌ عظيم، وضُرٌّ عميمٌ.

قال العماد: أذكر ونحن أطفالٌ، وقد خرجنا من أَصبهان وأقمنا بالرُّبُط عند المُصَلَّى، والعسكر قريبٌ منا، فسمعنا أصواتًا هائلةً وقت القائلة مِنْ نهار يوم الثّلاثاء سادس عشرين رمضان [من هذه السنة] (١)، فقلنا: ما الخبر؟ فقيل لنا: إنَّ الخليفة قد فتكَتْ به الملاحدة لعنهم الله. وخرج أهلُ أصبهان حُفاةً حاسرين، وشيَّعوا جِنازته إلى مدينة جَيّ، وبكوا ولطموا، ودفنوه بالجامع، وكان له الحُسْنُ اليُوسفي، والكرم الحاتمي، بل الهاشمي.

[قال] (١): وكان قد استدعى والدي صفيَّ الدِّين ليوليه الوزارة، فتعلَّل عليه، وكانت الخِيرة فيه (٢).

وبلغ الخبر إلى بغداد، فقعدوا له في العزاء يومًا واحدًا، وخلَّف ببغداد نيفًا وعشرين ولدًا ذكرًا.

[وقال السمعاني: ومما ينسب إلى الرَّاشد] (٣) من الشعر: [من الطويل]

زمانٌ قد اسْتَنَّتْ فِصالُ صروفه (٤) … وأصبح آسادُ الكرامِ لها قرعى (٥)

أكولتُهُ تشكو صُروفَ زمانها … فليس لها مأوى وليس لها مرعى

فيا قَلْبُ لا تأسفْ عليه فربمَّا … ترى القومَ في أكناف آفاتِهِ صرعى (٦)


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) "خريدة القصر" قسم شعراء العراق: ٢/ ٣٣ - ٣٤.
(٣) في (ع) و (ح): ومما ينسب إليه من الشعر، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٤) استن الفرس في مضماره: إذا جرى في نشاطه ومرحه على سننه في جهة واحدة. "معجم متن اللغة": ٣/ ٢٢٨.
(٥) القرعى جمع، مفردها القريع: وهو الفصيل: ولد الناقة إذا فصل عن أمه. "معجم متن اللغة": ٤/ ٤١٨، ٥٤١.
(٦) انظر الأبيات بنحو هذا اللفظ في "الخريدة" قسم شعراء العراق: ٢/ ٣٣ - ٣٤.