للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان إمامًا فاضلًا على الطَّريقة المَرْضِيَّة، والأفعال الرَّضية من وفور العِلْم، وحُسْن الوعظ، وكَثْرَةِ الدِّين، والتَّنزه عفا يقع فيه غيره من المتفقِّهين، وكان يومه مشهودًا.

عليُّ بنُ أفلح (١)

أبو القاسم، الكاتب البغدادي.

كان فاضلًا فصيحًا، تقدَّم عند المسترشد، ولقَّبه جمال المُلْك، وأعطاه أربعةَ آدُرٍ في دَرْب الشَّاكرية، فاشترى دورًا إلى جانبها، وهدَمَ الكُلَّ، وأنشأها دارًا كبيرة، وأطلق له الخليفةُ ما يحتاج إليه من الآلات والخشب والآجُرِّ، وخمس مئة دينار، ورتَّبَ له راتبًا، وغَرِمَ على الدَّار عشرين ألف دينار، وكان طولها ستين ذراعًا في أربعين، وأَجْراها بالذَّهب، وصوَّر فيها [فنون] (٢) الصُّوَر.

وكَتَبَ على بابها وجوانب أبوابها أشعارًا، فكتب على جانبي أبوابها: [من مجزوء الكامل]

ومِنَ المروءةِ للفتى … ما عاشَ دارًا فاخرهْ

فاقْنع من الدُّنيا بها … واعملْ لدارِ الآخرهْ

هاتِيكَ وافيةٌ بما … وَعَدَتْ وهذي ساخرهْ

وكَتَبَ على الجانب الآخر: [من المتقارب]

ونادٍ كأَنَّ جِنانَ الخُلُودِ … أعارَتْه مِنْ حُسْنها رَوْنقا

وأَعْطَتْه من حادثاتِ الزَّما … نِ أَنْ لا تُلِمَّ بهِ مَوثِقا


(١) له ترجمة في "خريدة القصر" قسم شعراء العراق: ١/ ٥٢ - ٦٩، و"المنتظم": ١٠/ ٨٠ - ٨٤، و"الكامل": ٨٠/ ١١، و"وفيات الأعيان": ٣/ ٣٨٩ - ٣٩١، و"النجوم الزاهرة": ٥/ ٢٦٤ وقد اختلف في سنة وفاته، فهي سنة (٥٣٣ هـ) عند ابن الجوزي، وتابعه على ذلك سبطه وابن تغري بردي، وعند ابن الأثير في "كامله" (٥٣٥ هـ)، وتردد العماد الكاتب بين سنة (٥٣٦ هـ) أو (٥٣٧ هـ)، وقال ابن خلكان: وتوفي يوم الخميس ثاني شعبان سنة خمس، وقيل سنة ست، وقيل سنة سبع وثلاثين وخمس مئة، وعمره أربع وستون سنة وثلاثة أشهر وأربعة عشر يومًا.
وقد تعقبه العلامة محمد بهجة الأثري في تعليقه على "الخريدة" فقال: وهذا التحديد لعمر الشاعر لا يستقيم للمؤرخ الكبير مع روايته الاختلاف في سنة الوفاة، وجهالة يوم الولادة والشهر والسنة.
(٢) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).