للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو جَدُّ الحافظ ابن عساكر لأمه، ولد سنة أربعٍ وأربعين وأربع مئة، وتفقَّه ببغداد على أبي بكر الشَّاشي، وبدمشق على القاضي المَرْوَزي، وحَجَّ على العراق سنة خمس عشرة وخمس مئة، ورأى الخطيبَ ولم يسمع منه، [وسمع من نَصر المقدسي وطبقته، وروى عنه سِبْطُه الحافظ ابن عساكر] (١).

وتوفي بدمشق، ودفن بمشهد القدم، [وكان ثقةً، حافظًا، كثير العلم والحديث] (١).

السَّنة الخامسة والثلاثون وخمس مئة

فيها نَقَلَ المقتفي المُظَفَّر بن محمد بن جَهِير من الأستاذ دارية إلى الوزَارة.

وفيها قدم [بغداد] (١) رجلٌ من السَّواد، فسكن قريةً على باب بغداد، وأظهر الزُّهْد، فقصده الناس [من كل جانب] (١)، واتَّفق أَنَّه مات لبعض [أهل] (١) السَّواد ولدٌ، فدفنه قريبًا من قبر السبتي (٢)، فمضى ذلك المتزهِّد، فَنبَشه، ودفنه في موضعٍ آخر، ثم أصبح، فجاءَ إليه زوَّارُه. فقال: رأيتُ البارحة عليَّ بنَ أبي طالب، فقال لي: إن بعض أولادي في المكان الفلاني. فانقلبت بغداد، وجاء النَّاس يُهْرعون إليه، وسألوه أن يُريهِم المكان، فجاء إلى الموضع الذي دَفَنَ فيه الصَّبيَّ، فحفر، فظهر الصَّبيُّ، [وكان أمرد] (١)، فمن وَصَلَ إلى قطعةٍ من أكفانه فكأنه قد ملك الدُّنيا، وجاؤوا بالبخور والشموع والماء الورد، وأخذوا تراب القبر للتَّبرك، وجعل النَّاس يقبِّلُون يد الزَّاهد، ويبكون ويخشعون، وبقوا أيامًا على هذا، والميت مكشوف يراه كلُّ أحد، فتغترت رائحتُه، وجاء حُذَّاق بغداد، فقالوا: هذا له منذ أربع مئة سنة، وكيف تتغير رائحته! وجاء السَّوادي يزور الزَّاهد، وبتبرَّك بالقَبْر، فاطَّلع فيه، فعرفه، فصاح وقال: ولدي والله، وكنت دَفَنْتُه عند السبَتي، فقوموا معي. فقاموا، وجاؤوا إلى المكان، فنبشوه فلم يروا فيه أحدًا، وهرَبَ الزَّاهد، وتبعوه، فأخذوه وقرَّروه، فاعترف، وقال: إنما عملتُ ذلك حيلةً. فشهَّروه على جَمَلٍ، وعزَّرُوه.


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) كذا، ولعلها السِّيبي.