للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصبحتُ خِلْوًا من بني الأَصفَرِ … أختالُ بالأَعْلامِ والمِنْبر

مُطَهَّرَ الرَّحْبِ على أَنَّني … لولا ابن آق سُنْقُر لم أُطَهَّرِ (١)

فاشتدَّ تعجُّبِ أتابك والجماعة.

وكان عند ملك طُلَيطُلة (٢) رجلٌ من علماء المُسْلمين، وكان الملك يُحِبُّه ويكْرمه، فجهَّز جيشًا إلى جهة إفريقية، فقتلوا وأسروا من المسلمين، وعادوا والعالم عند الملك جالِسٌ وقد نَعَسَ، فأيقظه الملك، وقال: ما ترى ما قد فعل أصحابُنا بالمسلمين، وأين دين محمدكم من نُصرتهم؟ فقال الرجل: كان قد حضر فتح الرُّها. فعجب الملك والقوم، واستهزؤوا به، فقال الملك: لا تضحكوا، فوالله ما قال شيئًا إلا وأصاب. فوصل الخبر بعد ذلك بأن الرُّها فُتِحَتْ في ذلك التاريخ.

وسار أتابك ففتح سَرُوج وما حول الرُّها من الحصون، وجاء إلى حِصن البيرة فنازله وضايقه، ولم يبق إلّا فتحه، فجاءه الخبر بأن نصِير الدّين جَقَر نائبه بالمَوْصل قد قُتِلَ، فعاد إلى المَوْصل.

وحجَّ بالنَّاس نَظَر الخادم.

فصل: وفيها توفي

جَقَر بن يعقوب بن نصِير الدِّين

نائب أتابك بالمَوْصِل وغيرِها من بلاده.

كان شجاعًا شَهْمًا مهيبًا مدبِّرًا، وسببُ قَتْله أَنَّه كان في كفالة زَنْكي رسلان خان، وقيل تركان شاه ابن السُّلْطان محمود بن محمد بن مَلِك شاه (٣)، وبه كان يحتج على


(١) الشطر الثاني من البيت الثاني غير متزن، وفي "النجوم الزاهرة": ٥/ ٢٧٥: لولا ابن سنقر لم أظهر، وكذلك لا يتزن، وقد ساق نحو هذه القصة ابن العديم في "بغية الطلب": ٤/ ٧٧، وفي النفس من هذه القصة أشياء.
(٢) في "الباهر" لابن الأثير: ص ٧٠: صقلية، وهو الأشبه، وقد قال ابن الأثير: وحكى لي أيضًا بعض العلماء بالأخبار والأنساب .. ثم ذكر نحو هذه القصة، ونقلها عنه أبو شامة في "كتاب الروضتين": ١/ ١٤٠ - ١٤١.
(٣) كذا ورد في (ع) و (ح)، وسماه ابن الأثير في "الباهر": ٧١، و"الكامل": ١١/ ١٠٦ ألب أرسلان المعروف بالخفاجي ولد السلطان محمود بن محمد، وتعقبه أبو شامة في "كتاب الروضتين": ١/ ١٥١ بان الخفاجي غير ألب أرسلان، إذ كان مع زنكي ملكان من أولاد السلطان محمود، أحدهما يسمى ألب أرسلان، وهو في معقل من معاقل سنجار، والآخر يسمى فرخشاه، ويعرف بالخفاجي، وهو بالموصل. وهذا الأخير هو الذي قتل جقر.