للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخلفاء والسَّلاطين ويقول لمسعود: أنا أحفظ البلاد له. ويصدر الكُتُبَ باسْمِهِ، وبه سمِّي أتابك، ومعناه الوالد، وكان مقيمًا بالمَوْصل، ولمَّا اشتغل زَنْكي بفتح الرُّها وسَرُوج والبيرة أشار على رسلان خواصُّه بالفَتْك بنصير الدِّين، وقالوا: تملك المَوْصِل، ولا يقدر أتابك على قَصدك، ولا يوافقه أحد. فاستمال جماعةً من الغِلْمان العمادية نحو أربعين رجلًا من وجوههم. وكان جَقَر على غايةٍ من الاحتراز، ولما تَمَّ ما أراد الصَّبيُّ رَتَّبَ له جماعةً عند دار خاتون، فلمّا جاء جَقَر للسَّلام عليها، ودخل دِهْليز الدَّار وثبوا عليه، فقتلوه، ووثَبَ العوام، فقتلوا أصحاب الصَّبي، وكان نازلًا في دارٍ على الشَّطِّ، وخِيفَ على المَوْصِل من النَّهْب، فجاء القاضي تاج الدِّين يحيى بن عبد الله بن القاسم الشَّهْرُزُوري (١) إليه فخدعه، وقال له: قد فعلت ما فعلتَ وأنتَ في دارك، والسَّاعة تهجُمُ عليك العوام فيقتلوك، فاصعَدْ إلى القلعة وتحصَّن بها. فقام وطَلَعَ القلعة، وتحصَّن بها، فاحتاط القاضي عليه، ووكَّل به جماعةً.

ولما بلغ أتابك قَتْلُ جَقَر بَعَثَ زين الدين علي كُوجك -وكان كثيرَ الوثوقِ به- فأغذَّ السَّيرَ حتى دخل المَوْصِل، وسكَنَ الفِتْنة، واحتاط على الصَّبيِّ، وأزال ما جَدَّد جَقَر من المظالم، ولم يزلِ الصَّبي محبوسًا تحت الحوطة حتى قُتِلَ زنكي على قلعة جعبر سنة إحدى وأربعين وخمس مئة.

عمر بن إبراهيم بن محمد [بن محمد] بن أحمد (٢)

ابن علي بن الحسين بن علي بن حمزة بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو البركات، الكوفي، النَّحْوي.


(١) كان بارعًا في الفقه، ولد سنة (٤٩٥ هـ)، وتوفي على الصحيح سنة (٥٥٦ هـ)، انظر "وفيات الأعيان": ٤/ ٢٤٥، و"طبقات الشافعية" للسبكي: ٧/ ٣٣٣، و"خريدة القصر" قسم شعراء الشام: ٢/ ٣٤٠ - ٣٤٢، وفيه توفي سنة (٥٦٦ هـ)، والتاريخ الأول نقله ابن خلكان عن "الخريدة".
(٢) له ترجمة في "الأنساب": ٦/ ٣٤١ - ٣٤٢، و"تاريخ ابن عساكر": (خ) (س): ١٢/ ٦٩٤ - ٦٩٥، و"نزهة الألباء": ٣٩٩ - ٤٠٠، و "المنتظم": ١٠/ ١١٤، و"معجم الأدباء": ١٥/ ٢٥٧ - ٢٦١، و"اللباب" لابن الأثير: ٢/ ٨٦، و"إنباه الرواة": ٢/ ٣٢٤ - ٣٢٧، و"ميزان الاعتدال": ٣/ ١٨١، و"سير أعلام النبلاء": ٢٠/ ١٤٥، وفيه تتمة مصادر ترجمته، وما بين حاصرتين من المصادر خلا "المنتظم".