للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولد في نصف ربيع الأَوَّل سنة سبعٍ وأربعين (١) وأربع مئة، وسَمِعَ الحديث وتفقَّه، وكان المسترشدُ يحبُّه، وكان مهيبًا وقورًا؛ قَلَّ أَنْ تُسْمع منه كلمة، وطالت ولايته، فأحكمه الزمان، وخَدَمَ الرَّاشد، وناب في الوزارة، ثم استوحش من الرِّاشد، فخرج إلى المَوْصِل، ووصَلَ الرَّاشد، وبلغه حديثُ المحضر الذي ثبت عليه، فقال له: اكتب خطَّك بإبطالِ ما جرى. فامتنع، فتواعَدَه زَنْكي، وناله بشيء من العذاب، ثم أَمَرَ بقتله، فَدَفَعَ الله عنه، ثم بعث المقتفي وطلبه، فبعث به زنكي إليه فبايعه، ثم ناب في الوزارة، ثم إنَّ المقتفي أَعْرَضَ عنه بالكُلِّية، وولَّى ابن المُرَخِّم، فأبطل أَحكامه، ولم يبق له توقيع ينفذ إلا اسم القضاء لا غير، فَمرِضَ أيامًا، وماتَ يوم عيد النَّحْر، وصلَّى عليه ابنُ عمِّه طلحة بن علي (٢) نقيب النُّقباء، ودُفِن إلى جانب أبيه.

وقال ابنُ القلانسي: صلَّى عليه المقتفي (٣).

ورآه بعضُ أصحابه في المنام، فقال له: ما فعل الله بك؟ فقال له: اذهب إلى [أبي عبد الله يعني ابن البيضاوي القاضي، وهو ابن أخي قاضي القضاة، وأحد أوصيائه] (٤) وقل له: لِمَ تضيِّق صَدْر غُصن وشهية؟ يعني سراريه. فقال له الرجل: فما فعل الله بك؟ فقال: غَفَرَ لي. ثم أنشد: [من الطويل]

وإنَّ امرءًا ينجو من النَّار بعدما … تَزَوَّدَ مِنْ أعمالها (٥) لسعيدُ


(١) كذا، وهو من أوهام سبط ابن الجوزي، وقد تابعه على ذلك ابن تغري بردي في "النجوم الزاهرة": ٥/ ٢٨٢، والزركلي في "الأعلام": ٤/ ٢٧٩ وقد اختلف في سنة ولادته، فذكر ابن الجوزي في "المنتظم" أنها في سنة (٤٧٠ هـ)، ثم ذكر عمره في ترجمته فقال: ست وسبعون سنة، مما يعني أن ولادته سنة (٤٦٧ هـ)، وذكر الذهبي والصفدي أن ولادته كانت سنة (٤٧٧ هـ)، وذكر ابن كثير في "البداية والنهاية" ترجمته في وفيات سنة (٥٤٣ هـ)، وقال: إنه جاوز الستين. والله أعلم.
(٢) ستأتي ترجمته في وفيات سنة (٥٥٨ هـ).
(٣) "ذيل تاريخ دمشق": ٤٧١.
(٤) في (ع) و (ح): اذهب إلى القاضي ابن الأنصاري، وفيها خطأ وتحريف، فالأنصاري صوابها البيضاوي، وهو القاضي أبو الفتح عبد الله بن محمد بن محمد، وهو أخو قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي لأمه، وقد توفي قبله سنة (٥٣٧ هـ)، انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء": ٢٠/ ١٨٢، والمراد بالخبر ابنه أبا عبد الله، وهو ما أثبته ما بين حاصرتين من "المنتظم": ١٠/ ١٣٦، والقصة فيه على تقديم وتأخير بها.
(٥) في (ع) و (ح): أعماله، ومثله في "الوافي بالوفيات"، والمثبت من "المنتظم".