للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أيضًا من شعره: [من الوافر]

جَعَلْتُ طليعتي طَرْفي سَفاها … فدلَّ على مقاتليَ الخفايا

وهل يُحمى حريمٌ من عدوٍّ … إذا ما الجيشُ خانته الرَّبايا (١)

ولي نَفَسٌ إذا ما اشتدَّ شوقًا … أطار القَلْبَ من حُرَقٍ شظايا

ودَمْعٌ يَنْصُر الواشينَ ظُلْمًا … فَيُظْهِر من سرائريَ الخبايا

ومُحْتَكِمٍ على العُشَّاقِ جُوْرًا … وأين من الدُّمى عَدْلُ القضايا

يُريكَ بوَجْنَتَيه الوَرْدَ غَضًّا … ونورَ الأُقحوانِ من الثَّنايا

تأمَّلْ منه تحت الصُّدْغ خالًا … لتعلمَ كَمْ خبايا في الزَّوايا

خَطَبْتُ نواله الممنوعَ حتَّى … أَثرتُ به على نَفْسي البلايا

فأَرَّقَ مُقْلتي شَوقًا ووَجْدًا … وأقلق مُهْجَتي هَجْرًا ونايا (٢)

وهذه الأبيات وازن بها أبيات أبزون العماني (٣):

نقود وعُودِها صارت نسايا … وعاد نَوَالها الميسور وايا

إذا أَنْشَدْتُ في التَّعريضِ بَيتًا … تلتْ من سورةِ الإعراض آيا

وَرُبَّ قطيعةٍ جَلَبَتْ وِصالًا … وكَمْ في الحبِّ من نُكَتٍ خفايا (٤)

شكَتْ وجَدًا إليَّ فآنستْني … وبعضُ الأُنْسِ في بعضِ الشَّكايا

فلا ملَّتْ معاتبتي فإنِّي … أَعُدُّ عِتابَها بعضَ العطايا

وليلةَ أَقْبَلَتْ في القَصر سَكْرى … تهادَى بين أَتْراب حظايا

ثَنَينا السُّوءَ عن ذاك التَّثَنِّي … وأَثْنينا على تلك الثَّنايا

كأنَّ خدودَها أوراقُ نَدٍّ … عليها من ندى طَلٍّ بقايا

وما خُلِقَتْ عيون العِين أنَّى … نَظَرْتَ سوى ذهاب للبرايا

فمنها ما يتيحُ لكَ الأماني … ومنها ما يبيحُ لك المنايا


(١) الربايا جمع، مفردها ربيئة، وهو الطليعة الذي ينظر للقوم لئلا يدهمهم عدو، ولا يكون إلا على جبل أو شرف ينظر منه. "اللسان" (ربأ).
(٢) القصيدة بتمامها في "ديوانه": ٣/ ١٥٥٤ - ١٥٦٢.
(٣) انظر ترجمته في "دمية القصر": ١/ ١٢٠ - ١٢٩، وانظر "المنتظم": ١٠/ ١٣٩.
(٤) في (خ) استدرك هذا البيت في هامشها، ثم جاء في آخر الأبيات في (ع) و (ح).