للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّنة الرابعة والخَمسون وخمسُ مئة

فيها في المحرَّم وصل ترشك وحده إلى بغداد، فرمى بنفسه تحت التَّاج، ومعه سَيفٌ وكَفَن، وأُخبر الخليفة به، فأُحضر إلى الدِّيوان، ورضي عنه، ووقَّع له بمالٍ.

وفيها وَرَدَتْ رسلُ محمد شاه إلى بغداد، فوصلوا شَهْرابان (١)، فبعث الوزير مَنْ مَنَعَهم من الدُّخول، فأقاموا أيامًا، وعادوا، ومات محمد شاه في آخر السَّنة.

وفيها خَرَجَ الخليفةُ إلى واسط، ودَخَلَ جامعها، ومضى إلى الغَرَّاف (٢)، فزلَّت به فَرَسُه في بعض الطَّريق، فوقع، وشُجَّ جبينه بقبيعة [سيف] (٣) الرِّكاب، فاستنقذه مملوكٌ من مماليك الوزير ابنِ هُبيرة، فأَعْتقه الوزيرُ، وخَلَع عليه، وخاطه ابنُ صفية الطَّبيب، فحصل له مالٌ، وتصدَّق الخليفة بمالٍ جزيل.

ووقَعَ بالعراق بَرَدٌ، وَزْنُ البردة تسعةُ أرطال بالعراقي، فأتلفتِ الغِلال.

وفيها غرقت بغداد، وصارت تلالا (٤) [مثل الغَرَقِ الأول.

قال جدِّي : فخرجتُ من داري بدربِ القيَّار، وعبرتُ إلى الجانب الغربي، وعدت بعد يومين فلم أجد حائطًا قائمًا، ولم يعرف أحد موضع داره إلا بالحَزْرِ والتَّخْمين، وصارتِ الكُلُّ تلالًا، وما استدللت على درب القيَّار إلا بمنارة المسجد، فإنها لم تقع. وغرقت كتب جدِّي وغيرها].

وفيها حَشَدَ ملك الرُّوم [العساكر] (٥) وجَمَعَ، ووصل إلى الشَّام، وجَمَعَ نورُ الدِّين عليه العساكر، وقلَّت مِيرتُهم، فعادوا راجعين، وغنمهم المسلمون.


(١) قرية كانت شرقي بغداد. "معجم البلدان": ٣/ ٣٧٥.
(٢) نهر كبير تحت واسط. "معجم البلدان": ٤/ ١٩٠.
(٣) ما بين حاصرتين من "المنتظم": ١٠/ ١٨٩، وقبيعة السيف: ما على طرف مقبضه من فضة أو حديد، أو على رأس قائمه، وهي التي يدخل القائم فيها، وجمعها قبائع، انظر "معجم متن اللغة": ٤/ ٤٨٥.
(٤) في (ع) و (ح): وصارت تلالًا، ولم يعرف أحد موضع داره إلا بالحزر والتخمين، وما بين حاصرتين من (م) و (ش)، وانظر "المنتظم": ١٠/ ١٩٠.
(٥) ما بين حاصرتين من (م).