للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن شعره: [من الهزج]

ولما أصبح الوصلُ … صحيحًا ما به داءُ

أتى الهَجْرُ فلا ميمٌ … ولا راءُ ولا حاءُ

ولا باءٌ ولا سينٌ … ولا هاءٌ ولا لاءُ

يعني لا مرحبًا ولا سهلًا بالهجر (١).

[عَدِي بن مسافر] (٢)

قلتُ: ذكر قاضي القضاة شمس الدين بن خَلِّكان ﵀ في "وفيات الأعيان" (٣):

الشيخ عَدِي بن مسافر، الهَكَّاري مسكنًا، العبد الصَّالح المشهور، سار ذكره في البلاد، وتبعه خَلْقٌ كثير، وجاوز حسنُ اعتقادهم فيه الحدَّ، وجعلوه ذخيرتهم في الآخرة، وكان قد صَحِبَ جماعةً من أعيان المشايخ والصُّلحاء، ثم انقطع إلى جبل الهكَّارِيَّة من أعمال المَوْصِل، وبنى له هناك زاويةً، ومال إليه أهل تلك النَّواحي كلها ميلًا لم يُسْمع بمثله.

وكان مولده في قرية يقال لها بيت فار من أعمال بَعْلَبَك، والبيتُ الذي ولد فيه يزار إلى الآن، وتوفي سنة سبع، وقيل: خمس وخمسين وخمس مئة، ودفن ببلده بزاويته، وقبره عندهم من المزارات المعدودة، وحَفَدَتُه بموضعه يقتفون آثاره والنَّاسُ معهم على ما كانوا عليه زمن الشيخ من جميل الاعتقاد، وتعظيم الحُرْمة، وكان مُظَفَّر الدِّين صاحبُ إِرْبل يقول: رأيتُ الشيخ عدي بن مسافر، وأنا صغير بالمَوْصِل، وهو شيخٌ، رَبْعَةٌ أسمرُ اللَّون، وكان يحكي عنه صلاحًا كثيرًا، وعاش تسعين سنة.


(١) الأبيات في "الخريدة": ٢/ ٩٧ بغير هذا الترتيب.
(٢) ما بين حاصرتين زيادة من عندنا للإيضاح، وهذه الترجمة مما زاده القطب اليونيني على "مرآة الزمان"، يدل على ذلك أن ابن خلكان صاحب "وفيات الأعيان": قدم دمشق سنة (٦٥٩ هـ)، أي بعد وفاة السبط بخمس سنين، وفيها عين قاضيًا للقضاة، وتوفي سنة (٦٨١ هـ)، يعني بعد وفاة السبط بسبع وعشرين سنة، ولم يكن ابن خلكان سنة وفاة السبط قد فرغ بعد من تأليف كتابه، انظر الدراسة القيمة عن ابن خلكان للدكتور إحسان عباس في الجزء السابع من "وفيات الأعيان": ص ٤٠، ٦٦. وانظر "المذيل على "الروضتين": ٢/ ١٦٥، ١٦٧.
(٣) "وفيات الأعيان": ٣/ ٢٥٤ - ٢٥٥، وله ترجمة في "سير أعلام النبلاء": ٢٠/ ٣٤٢ - ٣٤٤، و"الكواكب الدرية": ٢/ ٢٦٨ - ٢٦٩، وفيهما تتمة مصادر ترجمته.