للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الستون وخمس مئة]

فيها في رجب عَمِلَ الخليفة دعوةً في الدَّار الجديدة واحتفل لها، وحَضَرَها أرباب الدولة والعلماء [والفقهاء] (١) والصُّوفية والقُرَّاء، والوعَّاظ، ووعظوا، وقرؤوا، ونُصبت الموائد، عليها فنون الأَطعمة والحلوى، وغنَّى المغنون، ورقص الصُّوفية نهارهم وليلتهم، ثم خَلَعَ على جميع من حَضَر، وصار ذلك رسمًا [مقررًا] (١) في كل سنة في رجب.

[وذكر جدي في "المنتظم"، قال] (١): وفي عيد الأضحى ولدت امرأة من درب هارون [يقال لها بنت أبي العز الأهوازي] (١) أربع بنات، وماتت المرأة ومعها بنت أخرى (٢).

وتوفي الوزير يحيى بن هُبيرة، وقُبِضَ على وَلَدَيه، وحاجبه ابن تركان، وحبسوا في دار أُستاذ الدار.

وفيها فتح نورُ الدِّين بانياس عَنْوَةً، وكان معه أخوه نصير الدِّين (٣) أمير أميران، فأصابه سَهْمٌ، فأَذْهَبَ إحدى عينيه، فقال له نور الدين: لو كُشِفَ لك عما أَعدَّ الله لك من الأَجْر لتمنَّيتَ ذَهَاب الأخرى.

وكان ولد معين الدِّين أُنَر، الذي سَلَّم أبوه بانياس إلى الفرنج، قائمًا على رأس نور الدِّين، فقال له نور الدين: للنَّاس بهذا الفَتْح فرحةٌ واحدة، ولك فرحتان. قال: يا مولانا، ولمَ؟ قال: لأَنَّ اليوم بُرِّدْتَ جِلْدة أبيك من نار جهنم.

وفيها فوَّضَ نورُ الدِّين شِحْنكيَّة دمشق إلى صلاح الدين يوسف بن أيوب [على ما قيل] (١)، فأظهر السِّياسة وهذَّب الأمور، فقال عرقلة: [من المتقارب]

رُويدَكُمُ يا لصوصَ الشَّام … فإنِّي لكُمْ ناصحٌ في مقالي


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) "المنتظم": ١٠/ ٢١٠.
(٣) كذا في (ع) و (ح)، وفي "الروضتين": ١/ ٤٣٧ نمرة الدين.