للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمر تعالى بالصبر وهو: حال الصابر في نفسه.

وأمر بالمصابرة وهي: مقاومة الخصم في ميدان الصبر، وهي تكون بين اثنين كالمشاتمة والمضاربة.

وأما المرابطة: فهي: الثبات واللزوم والإقامة على الصبر والمصابرة.

أخي: فقد يصبر العبد ولا يصابر، وقد يصابر ولا يرابط، وقد يصبر ويصابر ويرابط من غير تعبد بالتقوى، فأخبر سبحانه أن ملاك ذلك كله التقوى، وإن الفلاح موقوف عليها. فقال: {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الإمام ابن القيم/ بتصرف].

أخي في الله: حقًا ما أشق الصبر على النفوس! وكيف يهون أخي على نفوس ألفت الدعة والراحة وما تعودت البلاء؟ !

أخي: إن الله تعالى عادل في حكمه رؤوف رحيم بخلقه .. لا يخيب سعيهم، ولا يضيع جزاء أعمالهم .. ولمشقة الصبر على النفوس أخي جعل الله ثوابه فوق كل ثواب {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر]. فأكرم بهم إذا جاؤوا يوم العرض الأكبر فنالوا الأجر الأوفر والجزاء الأغزر.

ثم أخي أما رأيت إلى أولئك النفر الذين جاءت البشارة لهم من النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأمن التام والظل الظليل يوم القيامة، وهم السبعة الذين يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله تعالى.

وما ذلك أخي إلا لفضيلة الصبر التي نعموا بها، ولذلك استحق المذكورون في الحديث .. لكمال صبرهم ومشقته، فإن صبر الإمام المتسلط على العدل في قسمه وحكمه ورضاه وغضبه، وصبر الشاب على عبادة الله ومخالفة هواه، وصبر الرجل على ملازمة

<<  <   >  >>