للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأسباب علاقات لا موجبات فالرجل إذا كسر الزجاجة ما انكسرت بكسره عندهم وإنما انكسرت عند كسره، والنار إذا أحرقت ما تحرق ما احترق بسببها وإنما احترق عندها لا بها فالإنسان إذا أكل حتى شبع لكنه ما شبع بالأكل وإنما شبع عند الأكل! . وقالوا إن فاعل الإحراق هو الله ولكن فعله يقع مقترنا بشيء ظاهرى مخلوق. فلا ارتباط عندهم بين سبب ومسبب أصلا وإنما المسألة اقتران فحسب ولهذا فالعين عندهم لا تحسد فالحسد عندهم يوجد عن اقتران رؤية العين للمحسود وإيجاده بقدرة قديمة وليس هو مخلوقا حتى لا يكون الله محلا للحوادث! ! فليس ثم حسد ولا عين ولكن اقترن حدوث الحسد باقتران وقوع البصر على المحسود. وليس الحسد من كسب العبد مع قوهم بأن له كسبا يجازى من أجله ويثاب عليه! ! والعجيب أنهم يكفرون من خالف قولهم هذا والأعجب أنه لم يقل به غيرهم! ! فهم يكفرون سائر الأمة ولا حول ولا قوة إلا بالله. ومن متونهم فى العقيدة التى ما تزال تدرس إلى اليوم:

والفعل فى التأثير ليس إلا ... للواحد القهار جل وعلا

ومن يقل بالطبع أو بالعلةِ ... فذاك كفر عند أهل الملةِ

ومن يقل بالقوة المودعةِ ... فذاك بدعى فلا تلتفتِ (١)

ومعنى المتن أن من يقول بنقل الطبيعة أو بتأثير العين فى المحسود وأنها السبب فهو كافر عندهم ومن قال بأن فى العين قوة مودعة سببت الحسد فهذا مبتدع عندهم أيضا مع قولهم فى الإيمان بالتصديق فقط يعنى من صدق فهو مؤمن من أهل الجنة وإن لم ينطق بالشهادة ويصل بل وإن لم يعمل خيرا قط ثم من خالفهم فى هذه الجزئية إما مبتدع ضال وإما كافر! !


(١) راجع شرح الكبرى (١٨٤) شرح أم البراهين ومنظومة الدردرير (٢٤٠)

<<  <   >  >>