للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبل الدخول في هذا الموضوع يَحسن أن أشيرَ إلى أنَّ الاعتداءَ في الدُّعاء تتفاوت مراتبُه؛ فهو ليس على مرتبة واحدة؛ فمنه ما يَدْخُلُ في الشِّرك الأكبر، ومنه ما هو محرَّم، ومنه ما هو مكروه.

والاعتداءُ في الدُّعاء قد يكون في الألفاظ أو المعاني أو الهيئة والأداء أو الزمان أو المكان على ما سيأتي بيانُه إن شاء الله.

ويَحسن بي أن أقفَ عند نقطة مهمَّة؛ وهي أنَّ بعضَ الناس لا يَقبلون معنى الاعتداء في الدُّعاء بحجَّة أنَّ اللهَ على كلِّ شيء قدير، وأنَّه مهما دعا الإنسان فإنَّ اللهَ قادرٌ على أن يُجيبَ دعوتَه.

والجواب أنَّ اللهَ قد وَضَعَ لنا سنناً وقوانين كونيَّة وشرعيَّة لا يجوز لنا أن نتعدَّاها؛ فاللهُ قادرٌ على أن يأتي بالولد من غير وطء؛ (مثل عيسى عليه السَّلام)؛ لكنها سنَّةُ الله في الاستيلاد؛ أنَّه لابدَّ من وطء، وكذلك اللهُ قادرٌ على أن يَرزق الإنسانَ وهو في قعر بيته لم يكتسب؛ لكن سنَّة الله في الاسترزاق هي الكسب؛ (لذلك فلا يطلب أحد من ذوي الألباب وقوع المسبَّب من غير سبب؛ لما فيه من سوء الأدب) (١).


(١) الأزهية في أحكام الأدعية، ص٣٥.

<<  <   >  >>