للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فصلواتي وسلامي عليك يا رسول الله، لم تَألُ جهدًا أن تبذل لأمتك النصح قولاً وعملاً ..

وهذه المصُونة الصديقة بنت الصديق عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها تخبرنا بطرف من هذا الزهد، حيث وقف ابن أختها عروة مشدوهًا بزهده عندما قالت له: «ابن أختي إن كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلَّة في شهرين وما أوقدت في أبيات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نار فقال عروة: ما كان يعيشكم؟ ! قالت: الأسودان التمر والماء .. » [رواه البخاري].

وها هو - صلى الله عليه وسلم - ذات مرة بين أصحابه - رضي الله عنهم - وقد نام على حصير فأثر في جنبه - صلى الله عليه وسلم - فقالوا له: لو اتخذنا لك وطاءً. فقال: «مالي وللدنيا ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها! » [رواه الترمذي وأحمد والحاكم/ صحيح الجامع: ٥٦٦٨].

أخي: ما أجْفَى الدنيا وما أقلَّ وفاءَها، ولو كان فيها خير لأقبل عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن أنَّى! وما عند لله خير وأبقى .. فمات - صلى الله عليه وسلم - وما شبع من خبز الشعير!

قالت عائشة رضي الله عنها: «لقد مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما شبع من خبز وزيت في يوم واحد مرتين! » [رواه مسلم].

نَزْهٌ عن الدنيا وباطلها ... لا عَرَض يَشْغُلهُ ولا نَقْدُ

رفضَ الحياةَ على حلاوتها ... واختارَ ما فيه له الخُلْدُ

يكفيه ما بلغَ المحل به ... لا يشتكي إن نابَهُ جَهْدُ

فاشدُدْ يديكَ إذا ظفرتَ به ... ما العيشُ إلا القَصْدُ والزُهْدُ

<<  <   >  >>