للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومن عزم على الصبر عن معاصي الله أعانه الله على ذلك وعصمه عنها».

قال: وقال لي: «يا سيار أتُراك تصبر لمحبته عن هواك فَيُخيِّب صبرك؟ ! لقد أساء بسيده الظن من ظن به هذا وشبهه» قال: ثم بكى عبد الواحد حتى خفت أن يغشى عليه.

ثم قال: «بأبي أنت يا مسمع نعمه رائحة وغادية على أهل معصيته فكيف ييأس من رحمته أهل محبته؟ ! ».

أخي المسلم: إن العبد يرتفع بالصبر عن المعاصي الدرجات العاليات .. ويعلو بها على البَريَّات .. فعاقبة الصابرين عن المعاصي إلى فلاح .. وسعيهم إلى نجاح .. وبكورهم ورواحهم إلى رباح ..

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «كان صبر يوسف عن مطاوعة امرأة العزيز على شأنها أكمل من صبره على إلقاء إخوته له في الجب؛ فصبره عن المعصية صبر اختيار ورضا ومحاربة للنفس؛ ولا سيما مع الأسباب التي تقوى معها دواعي الموافقة؛ فإنه كان شابًا؛ وداعية الشباب إليها قوية، وعزبًا؛ ليس له ما يعوضه ويرد شهوته، وغريبًا؛ والغريب لا يستحي في بلد غربته مما يستحي منه مَنْ بين أصحابه ومعارفه وأهله، ومملوكًا؛ والمملوك أيضًا ليس له وازعه كوازع الحر، والمرأة جميلة وذات منصب وهي سيدته، وقد غاب الرقيب، وهي الداعية له إلى نفسها والحريصة على ذلك أشد الحرص، ومع ذلك توعدته إن لم يفعل بالسجن والصغار، ومع هذه الدواعي كلها صبر اختيارًا وإيثارًا لما عند الله، وأين هذا من صبره في الجب على ما ليس من كسبه؟ ! ».

أخي في الله: جاهد نفسك على شهواتها وصابرها عسى أن

<<  <   >  >>