للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فعن عبدة بن سليمان قال: «كنا في سرية مع عبد الله بن المبارك في بلاد الروم فصادفنا العدو فلما التقى الصفان، خرج رجل من العدو فدعا إلى البراز فهرج إليه رجل فطارده ساعة فطعنه فقتله، ثم آخر فقتله ثم آخر فطعنه فقتله ثم أخر فقتله، ثم دعا إلى البراز فخرج إليه رجل فطارده ساعة فطعنه الرجل فقتله، فازدحم الناس عليه، فكنت فيمن ازدحم عليه، فإذا هو ملثم وجهه بكمه، فأخذت بطرف كمه فمددته فإذا هو عبد الله بن المبارك!

فقال: «وأنت يا أبا عمرو ممن يشنع علينا؟ ! ».

قال الإمام ابن الجوزي: «فانظروا رحمكم الله إلى هذا السيد المخلص كيف خاف على إخلاص برؤية الناس له، ومدحهم إياه فستر نفسه».

أخي في الله: قل معي: رحم الله تعالى أولئك الصادقين .. المخلصين .. وأجزل لهم من عظيم إحسانه ثواب المتقين .. وحشرهم في زمرة الناجين .. يوم يكون الملك لرب العالمين .. وسلكنا معهم، آمين .. آمين .. آمين ..

أخي: وتعوذ من حال المرائين .. وشعار الغافلين .. فكم أفسد الرياء من قلوب .. ، وكم ضيَّع نفوسًا لا تخشع ولا تؤوب.

«وقد يشيع عن المتعبد إنه يصوم الدهر فيعلم بشياع ذلك فلا يفطر أصلاً وإن أفطر أخفى إفطاره لئلا ينكسر جاهه، وهذا من خفى الرياء، ولو أراد الإخلاص وستر الحال لأفطر بين يدي من قد علم أنه يصوم، ثم عاد إلى الصوم ولم يعلم به، ومنهم من يخبر بما

<<  <   >  >>