للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السرور على زوجته وإسعادها بكل أمر مباح.

تقول عائشة رضي الله عنها: خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره، وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن، فقال للناس: «تقدموا» فتقدموا ثم قال: «تعالي حتى أسابقك» فسابقته فسبقته، فسكت عني حتى حملت اللحم، وبدنت وسمنت وخرجت معه في بعض أسفاره فقال للناس «تقدموا» ثم قال: «تعالي أسابقك» فسبقني، فجعل يضحك ويقول: «هذه بتلك» (١).

إنها مداعبة لطيفة واهتمام بالغ، يأمر القوم أن يتقدموا لكي يسابق زوجته، ويدخل السرور على قلبها، ثم ها هو يجمع لها دعابة ماضية وأخرى حاضرة، ويقول: «هذه بتلك»!

ومن ضرب في أرض الله الواسعة اليوم وتأمل حال علية القوم ليعجب من فعله - صلى الله عليه وسلم - وهو نبي كريم وقائد مظفر وسليل قريش وبني هاشم، في يوم من أيام النصر قافلاً عائدًا منتصرًا يقود جيشًا عظيمًا، ومع هذا فهو الرجل الودود اللين الجانب مع زوجاته أمهات المؤمنين، لم تنسه قيادة الجيش ولا طول الطريق ولا الانتصار في المعركة أن معه زوجات ضعيفات يحتجن منه إلى لمسة حانية وهمسة صادقة تمسح مشقة الطريق وتزيل تعب السفر!

روى البخاري أنه - صلى الله عليه وسلم - لما رجع من غزوة خيبر وتزوج صفية بنت حيي رضي الله عنها كان يدير كساء حول البعير الذي تركبه


(١) رواه أحمد.

<<  <   >  >>