كتاب الدنيا ظل زائل

هموما كلما كثرت لديه

أرى الدنيا لمن هي في يديه

تهين المكرمين لها بصفر ... وتكرم كل من هانت عليه

إذا استغنيت عن شيء فدعه ... وخذ ما أنت محتاج إليه (١)

[أخي الحبيب]

كن من أبناء الآخرة، ولا تكن من أبناء الدنيا، فإن الولد يتبع الأم، والدنيا لا تساوي نقل أقدامك إليها، فكيف تعدو خلفها (٢)؟

انفض يديك من الدنيا وساكنها ... فالأرض قد أقفرت والناس قد ماتوا (٣)

قالت امرأة حبيب بن محمد: كان يقول: إن مت اليوم فأرسلي إلى فلان يغسلني، وافعلي كذا واصنعي كذا، فقيل لامرأته: أرأى رؤيا؟ قالت: هذا قوله كل يوم (٤).

أخي .. إذا استغنى الناس بالدنيا، فاستغن أنت بالله، وإذا فرحوا بالدنيا فافرح أنت بالله، وإذا أنسوا بأحبابهم فاجعل أنسك بالله، وإذا تعرفوا إلى ملوكهم وكبرائهم وتقربوا إليهم؛ لينالوا بهم العزة والرفعة، فتعرف أنت إلى الله، وتودد إليه تنل بذلك غاية العز والرفعة (٥).

وخطب عمر بن عبد العزيز فقال في خطبته: لكل سفر زاد، فتزودوا لسفركم من الدنيا إلى الآخرة بالتقوى، وكونوا كمن عاين

(١) الإحياء: ٢/ ٣٤٤.
(٢) الفوائد: ٦٨.
(٣) شذرات الذهب: ٣/ ٣٨٨.
(٤) صفة الصفوة: ٣/ ٣٢٠.
(٥) الفوائد: ١٥٢.