للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طرق .. وسبيله إلى دار السلام برحمة من الله ورضوان.

وأهل الطاعة والصلاح قوم مثلنا يحبون الدنيا وزينتها، ولكنهم قدموا باقية على فانية، فسهل الله لهم الطريق وأذل لهم الصعاب.

صبرت على اللذات لما تولت ... وألزمت نفسي صبرها فاستمرت

وكانت على الأيام نفس عزيرة ... فلما رأت عزمي على الذل ذلت

فقلت لها يا نفس موتي كريمة ... فقد كانت الدنيا لنا ثم ولت

خليلي لا والله ما من مصيبة ... تمر على الأيام إلا تجلت

وما النفس إلا حيث يجعلها الفتى ... فإن أطعمت تاقت وإلا تسلت (١)

قال رجل للفضيل بن عياض: كيف أصبحت يا أبا علي؟ فكان يثقل عليه، كيف أصبحت؟ وكيف أمسيت؟ ! فقال: في عافية، فقال: كيف حالك؟ فقال: على أي حال تسأل؟ عن حال الدنيا أو حال الآخرة؟ إن كنت تسأل عن حال الدنيا فإن الدنيا قد مالت بنا وذهبت بنا كل مذهب، وإن كنت تسأل عن حال الآخرة فكيف ترى حال من كثرت ذنوبه، وضعف عمله، وفني عمره، ولم يتزود لمعاده، ولم يتأهب للموت، ولم يخضع للموت، ولم يتشمر للموت، ولم يتزين للموت ... وتزين للدنيا (٢).

وحال الكثير منا يصفه عوف بن عبد الله حينما قال: إن من كان قبلكم كانوا يجعلون للدنيا ما فضل عن آخرتهم، وإنكم اليوم


(١) شذرات الذهب: ٢/ ٣٦٤.
(٢) حلية الأولياء: ٨/ ٨٦.

<<  <   >  >>