للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال يحيى بن معاذ: يا ابن آدم .. طلبت الدنيا طلب من لا بد له منها، وطلبت الآخرة طلب من لا حاجة له إليها، والدنيا قد كفيتها وإن لم تطلبها، والآخرة بالطلب منك تنالها .. فاعقل شأنك.

[أخي الحبيب]

من العجب كل العجب أن العبد يصدق بدار الخلود، وهو يسعى لدار الغرور، فمن أحبه الله حماه عن الدنيا كما يحمي أحدكم مريضه عن الماء، وقد ورد في الحديث مرفوعًا: «إن الله لم يخلق خلقًا أبغض إليه من الدنيا، وإنه منذ خلقها لم ينظر إليها».

وقيل لعلي بن أبي طالب: يا أمير المؤمنين صف لنا الدنيا؟

قال: وما أصف لكم من دار: من صح فيها أمن، ومن سقم فيها ندم، ومن افتقر فيها حزن، ومن استغنى فيها فتن، في حلالها الحساب، وفي حرامها النار.

وقد وصف الدنيا يونس بن عبيد فقال: ما شبهت الدنيا إلا كرجل نائم، فرأى في منامه ما يكره وما يحب، فبينما هو كذلك إذ انتبه (١).

وكان شميط بن عجلان يقول: إنسانان معذبان في الدنيا: غني أعطي دنيا فهو بها مشغول، وفقير زويت عنه فهو يتبعها نفسه، فنفسه تقطع عليها حسرات (٢).


(١) عدة الصابرين: ٣٥٥.
(٢) صفة الصفوة: ٣/ ٣٤٧.

<<  <   >  >>