للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال: وصله الله ورحمه، ثم قال: تعالي يا جارية، اذهبي بهذه السبعة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان، حتى أنفدها، فرجع الغلام إلى عمر فأخبره فوجده قد أعد مثلها لمعاذ بن جبل فقال: اذهب بها إلى معاذ وتله في البيت ساعة حتى تنظر ما يصنع، فذهب بها إليه، قال: يقول لك يا أمير المؤمنين: اجعل هذه في بعض حاجاتك، فقال: رحمه الله ووصله، تعالي يا جارية، اذهب إلى بيت فلان بكذا، واذهبي إلى بيت فلان بكذا، فاطلعت امرأته فقالت: ونحن والله مساكين، فأعطنا، ولم يبق في الخزنة إلا ديناران، فدحا (رمى) بهما إليها، فرجع الغلام إلى عمر فأخبره بذلك، فقال: إنهم إخوة بعضهم من بعض.

ولو لم يأت من ترك الدنيا إلا الراحة عند الموت والاستعداد لما بعد الموت لكفى .. وقد قيل لبعض الزهاد: ألا توصي؟ قال: بماذا أوصي؟ والله ما لنا شيء، ولا لنا عند أحد شيء ولا لأحد عندنا شيء، انظر إلى هذه الراحة، كيف تعجلها؟ ! وإلى السلامة كيف صار إليها؟ ! (١)

تجرد من الدنيا فإنك إنما ... سقطت إلى الدنيا وأنت مجرد (٢)

قال محمد بن سوقة: أمران لو لم نعذب إلا بهما لكنا مستحقين بهما لعذاب الله، أحدنا يزاد الشيء من الدنيا، فيفرح


(١) أدب الدنيا والدين: ١٢٠.
(٢) مكاشفة القلوب: ٣٢٨.

<<  <   >  >>