للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُمَا: "مَا ترَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الأُسَارَى؟ "، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه-: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! هُمْ بَنُو العَمِّ وَالعَشِيرَةُ، أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً، فتَكُونَ لَنَا قُوَّةً عَلَى الكُفَّارِ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلْإِسْلَامِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَا تَرَى يَا ابْنَ الخَطَّابِ؟ ".

فَقَالَ عُمَرُ -رضي اللَّه عنه-: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَرَى الذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ، وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَّا فنَضْرِبَ أعْنَاقَهُمْ، فتمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنقهُ، وَتُمَكِنِّي مِنْ فُلَانٍ -نَسِيبًا لِعُمَرَ- فَأَضْرِبَ عنقه، حَتَّى يَعْلَمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي قُلُوبِنَا هَوَادَةٌ (١) لِلْمُشْرِكِينَ، هَؤُلَاءِ صَنَادِيدُهُمْ (٢) وَأَئِمَّتُهُمْ وَقَادَتُهُمْ.

فهَوِيَ (٣) رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه-، وَلَمْ يَهْوَ مَا قَالَ عُمَرُ -رضي اللَّه عنه-، فَأَخَذَ مِنْهُمُ الفِدَاءَ.

قَالَ عُمَرُ -رضي اللَّه عنه-: فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَيْنِ يبكِيَانِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ، فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَباكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمُ الفِدَاءَ، لَقَدْ


(١) الهَوَادة: هي السُّكون والرُّخصَة والمُحَاباة. انظر النهاية (٥/ ٢٤٢).
(٢) صَنَادِيدُهُم: أي أشرافهم، وعُظَماؤهم، ورُؤَساؤهم، الواحد: صِنْدِيد بكسر الصاد. انظر النهاية (٣/ ٥١).
(٣) قال الإمام النووي في شرح مسلم (١٢/ ٧٤): فَهَوِي: بكسر الواو أي أحَبَّ ذلك واستحسنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>