للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرَ مُحَارِبِينَ (١)، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} (٢).

قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ: وَقَدِ اسْتَقَرَّ فِي الأَسْرَى عِنْدَ جُمْهُورِ العُلَمَاءِ: أَنَّ الإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِيهِمْ: إِنْ شَاءَ قتلَ -كَمَا فَعَلَ -صلى اللَّه عليه وسلم- ببَنِي قُرَيْظَةَ- وَإِنْ شَاءَ فَادَى بِمَالٍ -كَمَا فَعَلَ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِأَسْرَى بَدْرٍ- أَوْ بِمَنْ أُسِرَ مِنَ المُسْلِمِينَ -كَمَا فَعَلَ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي تِلْكَ الجَارِيَةِ وَابْنَتِهَا اللَّتَيْنِ كَانتا فِي سَبْيِ سَلَمَةَ بنِ الأَكْوَعِ، حَيْثُ رَدَّهُمَا وَأَخَذَ فِي مُقَابِلِتِهِمَا مِنَ المُسْلِمِينَ الذِينَ كَانُوا عِنْدَ المُشْرِكِينَ (٣)، وَإِنْ شَاءَ اسْتَرَقَّ (٤) مَنْ أَسَرَ (٥).

وَقَالَ الإِمَامُ ابنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: وَالصَّوَابُ مِنَ القَوْلِ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} (٦) مُحْكَمَةٌ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ، وَذَلِكَ أَنَّ صِفَةَ النَّاسِخِ وَالمَنْسُوخِ مَا قَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ فِي كِتَابِنَا أَنَّهُ مَا لَمْ يَجُزِ اجْتِمَاعُ حُكْمَيْهِمَا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ مَا قَامَتِ الحُجَّةُ بِأَنَّ أحَدَهُمَا نَاسِخٌ لِلآخَرِ، وَغَيْرُ


(١) انظر المغني لابن قدامة (٨/ ٣٧٢).
(٢) سورة محمد آية (٤).
(٣) أخرج خبر الجارية وابنتها: الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى - رقم الحديث (١٧٥٥).
(٤) اسْتَرَقّ: أي صار مملوكًا. انظر النهاية (٢/ ٢٢٨).
(٥) انظر تفسير ابن كثير (٤/ ٩١).
(٦) سورة محمد آية (٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>