للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى المُطَّلِبِ بنِ أَبِي وَدَاعَةَ السَّهْمِيِّ، فَأَنْزَلَهُ وأَكْرَمَهُ، وَجَعَلَ يُنْشِدُ الأَشْعَارَ، وَيُحَرِّضُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَالمُسْلِمِينَ.

أَخْرَجَ ابنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا قَدِمَ كَعْبُ بنُ الأَشْرَفِ مَكَّةَ أَتَوْهُ، فَقَالُوا: نَحْنُ أَهْلُ السِّقَايَةِ (١) وَالسِّدَانَةِ (٢)، وَأَنْتَ سَيِّدُ أَهْلِ يَثْرِبَ، فَنَحْنُ خَيْرٌ أَمْ هَذَا الصُّنَيْبِيرُ (٣) المُنْبَتِرُ (٤) مِنْ قَوْمِهِ يَزْعُمُ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنَّا؟

فَقَالَ: أَنْتُمْ خَيْرٌ مِنْهُ، فَنَزَلَ عَلَى رَسُول اللَّهِ {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٥)} (٦)، وَنَزَلَتْ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ


(١) السِّقَايَة: هي ما كانت قريش تَسْقِيهِ الحُجَّاج من الزَّبِيب المَنْبُوذ في الماء. انظر النهاية (٢/ ٣٤٢).
(٢) سَدَانة الكعبة: هي خِدْمَتها وتوَلِّي أمرها. انظر النهاية (٢/ ٣٢٠).
(٣) الصُّنَيْبِيرُ: تصغيرُ الصُّنْبُورِ، وهو الأبْتَرُ، لا عَقِبَ له، وأصل الصُّنْبُورِ: سعفَةٌ تَنْبُتُ في جِذع النخلة لا في الأرض، وقيل: هي النخلة المنفردة التي يَدِقُّ أسفلها، أراد أنَّه إذا قُلِع انقطع ذكره، كما يذهب أثر الصنبور؛ لأنه لا عقب له. انظر النهاية (٣/ ٥١).
(٤) المنبَتِرُ: الذي لا وَلَدَ له، أرادوا أنَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكن يَعِشْ له ولد. انظر النهاية (١/ ٩٤).
(٥) الأبتر: الذي لا ولد له. انظر النهاية (١/ ٩٤).
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في تفسيره (٨/ ٥٠٥): فتوهموا -أي هؤلاء الكفار- لجهلهم أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا ماتَ بنوه ينقَطِعُ ذِكْرُه، وحاشا وكَلَّا، بل قد أبقى اللَّهُ ذكره على رؤوس الأشهاد، وأوجب شرعه على رِقَاب العباد، مستَمِرًّا على دوام الآباد، إلى يوم الحشرِ والمعاد، صلوات اللَّه وسلامه عليه دائمًا إلى يوم التناد.
(٦) سورة الكوثر آية (٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>