للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّالِثَةِ لِلْهِجْرَةِ (١).

* سَبَبُهَا:

أَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا رَجَعُوا مِنْ بَدْرٍ إلى مَكَّةَ، وَقَدْ أُصِيبُوا بِمُصِيبَةٍ لَمْ يُصْابُوا بِمِثْلِهَا، مِنْ قتلِ صَنَادِيدِهِمْ وَأَشْرَافِهِمْ، اتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَقُومُوا بِحَرْبٍ شَامِلَةٍ ضِدَّ المُسْلِمِينَ، تَشْفِي غَيْظَهَا، وَتَرْوِي غِلَّةَ حِقْدِهَا، وَأَخَذَتْ في الِاسْتِعْدَادِ لِخَوْضِ مِثْلِ هَذِهِ المَعْرَكَةِ العَظِيمَةِ مَعْرَكَةِ أُحُدٍ.

وَكَانَ عِكْرِمَةُ بنُ أَبِي جَهلٍ، وَصَفْوَانُ بنُ أُمَيَّةَ، وَأَبُو سُفْيَانَ بنُ حَرْبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بنُ أَبِي رَبِيَعَةَ أَكْثَرَ زُعَمَاءَ قُرَيْشٍ نَشَاطًا، وَتَحَمُّسًا لِخَوْضِ هَذِهِ المَعْرَكَةِ.

وَأَوَّلُ مَا فَعَلُوهُ بِهَذَا الصَّدَدِ أَنَّهُمْ احْتَجَزُوا العِيرَ التِي كَانَ قَدْ نَجَا بِهَا أَبُو سُفْيَانَ وَالتِي كَانَتْ سَبَبًا لِمَعْرَكَةِ بَدْرٍ، وَقَالُوا لِلَّذِينَ كَانَتْ أَمْوَالُهُمْ فِيهَا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ وَتَرَكُمْ (٢)، وَقَتَلَ خِيَارَكُمْ، فَأَعِينُونَا بِهَذَا المَالِ عَلَى حَرْبِهِ، لعَلَّنَا أَنْ نُدْرِكَ مِنْهُ ثَأْرَنَا


(١) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (٨/ ٨٨) كانت هذه الوقعة المشهورة في شوال سنة ثلاث باتِّفاق الجمهور.
والدليل على أن وقعة أُحُدٍ كانت في النهار قوله تَعَالَى في سورة آل عمران آية (١٢١): {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (٨/ ٩٠): وقوله تَعَالَى: {غَدَوْتَ} أي خرجت أوَّل النهار.
(٢) وتَرَهُ: نقَصَهُ، والموتُورُ: الذي قُتل له قتيلٌ فلم يُدْرِكْ بدمه. انظر لسان العرب (١٥/ ٢٠٥).
ومنه الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه - رقم الحديث (٥٥٢) - ومسلم في =

<<  <  ج: ص:  >  >>