للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَلَّا أَقُومَ الدَّهْرَ في الكُيُولِ (١) ... اضْرِبْ بِسَيْفِ اللَّهِ وَالرَّسُولِ

فَجَعَلَ لَا يَلْقَى أَحَدًا إِلَّا قتلَهُ، وَكَانَ في المُشْرِكِينَ رَجُلٌ لَا يَدَعُ لَنَا جَرِيحًا إِلَّا ذَفَّفَ (٢) عَلَيْهِ، فَجَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدْنُو مِنْ صَاحِبِهِ، فَدَعَوْتُ اللَّه أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا، فَالْتَقَيَا، فَاخْتَلفا ضَرْبَتَيْنِ، فَضَرَبَ المُشْرِكُ أَبَا دُجَانَةَ، فَاتَّقَاهُ بدُرْقَتِهِ (٣)، فَعَضَتْ بِسَيْفِهِ (٤)، فَضَرَبَهُ أَبُو دُجَانَةَ فَقَتَلَهُ.

ثُمَّ أَمْعَنَ (٥) أَبُو دُجَانَةَ -رضي اللَّه عنه- في الصُّفُوفِ حَتَّى انتهَى إلى نِسْوَةٍ فِي سَفْحِ الجَبَلِ، فَأَهْوَى بِالسَّيْفِ عَلَى مَفْرَقِ رَأْسِ هِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ زَوْجِ أَبِي سُفْيَانَ، ثُمَّ كَفَّ عَنْهَا.

قَالَ الزُّبَيْرُ -رضي اللَّه عنه-: فَلَمَّا انْكَشَفَ القِتَالُ، قُلْتُ لِأَبِي دُجَانَةَ: كُلُّ عَمَلِكَ قَدْ رَأَيْتُ، مَا خَلَا رَفْعِكَ السَّيْفَ عَلَى المَرْأَةِ لِمَ لَمْ تَضْرِبْهَا.

فَقَالَ أَبُو دُجَانَةَ -رضي اللَّه عنه-: رَأَيْتُ إِنْسَانًا يُحْمِشُ (٦) النَّاسَ حَمْشًا شَدِيدًا، فَصَمَدْتُ لَهُ، فَلَمَّا حَمَلْتُ عَلَيْهِ السَّيْفَ وَلْوَلَ، فَإِذَا امْرَأَةٌ، فَأَكْرَمْتُ سَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ أَضْرِبَ بِهِ امْرَأَةً (٧).


(١) الكُيُول: مؤخِّرة الصفوف. انظر النهاية (٤/ ١٩٠).
(٢) تذفيف الجريح: الإجهاز عليه وقتله. انظر النهاية (٢/ ١٥٠).
(٣) الدرقَةُ: هي الترسُ من جلودٍ ليس فيه خشَبٌ ولا عقب. انظر لسان العرب (٤/ ٣٣٣).
(٤) عَضَتْ بسيفِهِ: أي لزمتْهُ ولَزِقَت به. نظر لسان العرب (٩/ ٢٥٧).
(٥) أمْعَنَ: أي جَدَّ وأبعَد. انظر النهاية (٤/ ٢٩٣).
(٦) يُحمِشُ الناس: أي يسُوقُهم بغضب. انظر النهاية (١/ ٤٢٣).
(٧) أخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب معرفة الصحابة - باب ذكر شجاعة أبي دجانة - رقم =

<<  <  ج: ص:  >  >>