للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ -رضي اللَّه عنه- يَلْتَفُّ مِنْ وَرَاءِ المُسْلِمِينَ:

وَانتهَزَ خَالِدُ بنُ الوَليدِ -رضي اللَّه عنه- هَذِهِ الفُرْصَةَ الذَّهَبِيَّةَ، فَاسْتَدَارَ بِسُرْعَةٍ خَاطِفَةٍ، حَتَّى وَصَلَ إِلَى مُؤَخِّرَةِ جَيْشِ المُسْلِمِينَ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ أَبَادَ عَبْدَ اللَّهَ بنَ جُبَيْرٍ -رضي اللَّه عنه- (١) وَأَصْحَابَهُ، ثُمَّ انْقَضَّ عَلَى المُسْلِمِينَ مِنْ خَلْفِهِمْ، وَصَاحَ فُرْسَاُنهُ صَيْحَةً عَالِيَةً عَرَفَ المُشْرِكُونَ المُنْهَزِمُونَ أَنَّ خَيْلَهُمْ تُقَاتِلُ وَتُنَادِي، فَأَقْبَلُوا، وَأَسْرَعَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُمْ هِيَ: عَمْرَةُ بِنْتُ عَلْقَمَةَ الحَارِثِيَّةُ، فَرَفَعَتْ لِوَاءَ المُشْرِكِينَ المَطْرُوحَ عَلَى الأَرْضِ، فَاجْتَمَعَ حَوْلَهُ المُشْرِكُونَ، وَتَنَادَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا، حَتَّى اجْتَمَعُوا عَلَى المُسْلِمِينَ، وَأُحِيطَ بِهِمْ مِنَ الأَمَامِ وَالخَلْفِ (٢).

* اضْطِرَابُ المُسْلِمِينَ وَنُزُولُ القَتْلِ فِيهِمْ:

فَلَمَّا وَقَعَ المُسْلِمُونَ فِي هَذَا التَّطْوِيقِ مِنْ قِبَلِ المُشْرِكِينَ، حَدَثَتْ فَوْضَى عَارِمَةٌ في صُفُوفِهِمْ، وَانْفَلَتَ الزِّمَامُ، وَضَاعَ النِّظَامُ، لَقَدْ تَحَوَّلَ جَيْشُ المُسْلِمِينَ إِلَى شَبَكَةٍ لَا يُعْرَفُ لَهَا أَوَّلٌ وَلَا آخِر، تِلْكَ الصُّفُوفُ المُنَظَّمَةُ التِي كَانَتْ تُقَاتِلُ كَبُنْيَانٍ مَرْصُوصٍ، حَوَّلَهَا الرُّمَاةُ بِمُخَالفَتِهِمْ أَمْرَ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى شَيْءٍ كَالفَوْضَى.


(١) في رواية ابن سعد في طبقاته (٣/ ٢٥٠): . . . ورمى عبد اللَّه بن جُبَير -رضي اللَّه عنه- حَتَّى فَنِيَتْ نبله، ثم طَاعَنَ بالرمح حَتَّى انكَسَر، ثم كُسِر جفنُ سيفه، فقاتلهم حَتَّى قُتِل، فلمَّا وقع جرَّدُوه، ومثلوا به أقْبَحَ المثل.
(٢) انظر سيرة ابن هشام (٣/ ٨٧) - الرحيق المختوم (ص ٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>