للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِمَّنْ مُثِّلَ بِهِ أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بنُ جَحْشٍ -رضي اللَّه عنه-، قَطَعُوا أَنْفَهُ وَأُذُنَيْهِ، إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَبْقَرُوا بَطْنَهُ -رضي اللَّه عنه- (١).

* شَمَاتَةُ أَبِي سُفْيَانَ بَعْدَ نِهَايَةِ المَعْرَكَةِ:

فَلَمَّا أَرَادَ المُشْرِكُونَ الِانْصِرَافَ، أَشْرَفَ أَبُو سُفْيَانَ عَلَى الجَبَلِ، فَنَادَى المُسْلِمِينَ: أَفِي القَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تُجِيبُوهُ"، ثُمَّ قَالَ: أَفِي القَوْمِ ابنُ أَبِي قُحَافَةَ؛ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تُجِيبُوهُ"، ثُمَّ قَالَ: أَفِي القَوْمِ ابنُ الخَطَّابِ؛ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تُجِيبُوهُ".

ثُمَّ رَجَعَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَمَّا هَؤُلَاءِ، فَقَدْ قُتِلُوا، فَلَوْ كَانُوا أَحْيَاءً لَأَجَابُوا، فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ نَفْسَهُ (٢)، فَقَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْكَ مَا يُخْزِيكَ (٣).

فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالأَيَّامُ دُوَلٌ (٤)، وَالحَرْبُ سِجَالٌ (٥)، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَا سَوَاءَ، قَتْلَانَا فِي الجَنَّةِ، وَقَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ.


(١) انظر سيرة ابن هشام (٣/ ١٠١) - دلائل النبوة للبيهقي (٢/ ٢١٣).
(٢) في رواية الإمام أحمد في المسند، قال عمر -رضي اللَّه عنه-: يا رَسُول اللَّهِ، ألا أجيبه؛ قال: "بلى".
(٣) وفي رواية أخرى في صحيح البخاري - رقم الحديث (٣٠٣٩) - قال عمر -رضي اللَّه عنه-: إن الذينَ عدَدْتَ لأحيَاءٌ كُلُّهم، وقد بقيَ لك ما يَسُوءُك.
(٤) دالَتِ الأيام: أي دَارَتْ. انظر لسان العرب (٤/ ٤٤٤).
(٥) الحربُ سِجَالٌ: أي مرَّة لنا ومرَّة علينا. انظر النهاية (٢/ ٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>