للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* دَفْنُ الشُّهَدَاءِ:

ثُمَّ أَمَرَ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِدَفْنِ القَتْلَى، فَكَانَ يُوضَعُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ وَالثَّلَاثَةُ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، بَلْ كَانَ يُكَفَّنُ الرَّجُلَانِ وَالثَّلَاثَةُ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ، وَإِنَّمَا أَرْخَصَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ لِمَا بِالمُسْلِمِينَ مِنَ الجِرَاحِ التِي يَشُقُّ مَعَهَا أَنْ يَحْفِرُوا لِكُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدًا، وَقِلَّةِ الثِّيَابِ، فَقَدْ أَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ هِشَامِ بنِ عَامِرٍ الأَنْصَارِيِّ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ أَصَابَ النَّاسَ قَرْحٌ (١) وَجَهْدٌ شَدِيدٌ، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: شَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- القَرْحَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالُوا: كَيْفَ تَأْمُرُ بِقَتْلَانَا؟ فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "احْفِرُوا، وَأَوْسِعُوا، وَأَحْسِنُوا وَادْفِنُوا فِي القَبْرِ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَنْ نُقَدِّمُ؟ قَالَ: "أكْثَرُهُمْ جَمْعًا وَأَخْذًا لِلْقُرْآنِ" (٢).

وَأَخْرَجَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَقُولُ: "أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرآنِ؟ ".

فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدٍ قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ (٣).


(١) القَرْحُ بفتح القاف وضمها: هو الجُرْحُ. انظر النهاية (٤/ ٣٢).
ومنه قوله تعالى في سورة آل عمران آية (١٤٠): {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ. . .}.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٦٢٥١) (١٦٢٥٤).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب من قُتِل من المسلمين يوم أُحد -=

<<  <  ج: ص:  >  >>