للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقُرْآنِيَّ، وَطَرِيقَةَ عَرْضِهِ لِلْحَادِثِ، وَأُسْلُوبَهُ فِي الْوَصْفِ وَالتَّعْقِيبِ وَوُقُوفَهُ أَمَامَ بَعْضِ الْمَشَاهِدِ وَالْحَوَادِثِ، وَالْحَرَكَاتِ وَالْخَوَالِجِ، وَإِبْرَازَهُ لِلْقِيَمِ وَالسُّنَنِ. . . مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ نُدْرِكُ كَيْفَ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى يُرَبِّي هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالْأَحْدَاثِ وَالْقُرْآنِ فِي آنٍ وَاحِدٍ (١).

أَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَابْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: قَالَ فَتًى مِنَّا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ لِحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ -رضي اللَّه عنه-: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ رَأَيْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَصَحِبْتُمُوهُ؟

قَالَ: نَعَمْ يَا ابْنَ أَخِي. قَالَ: فكَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟

قَالَ حُذَيْفَةُ: وَاللَّهِ لَقَدْ كُنَّا نَجْهَدُ، قَالَ: وَاللَّهِ لَوْ أَدْرَكْنَاهُ مَا تَرَكْنَاهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ، وَلَجَعَلْنَاهُ عَلَى أَعْنَاقِنَا، فَقَالَ حُذَيْفَةُ -رضي اللَّه عنه-: يَا ابْنَ أَخِي، وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِالْخَنْدَقِ. . .، فَقَالَ: "مَنْ رَجُلٌ يَقُومُ فَيَنْظُرُ لَنَا مَا فَعَلَ الْقَوْمُ ثُمَّ يَرْجعُ -يَشْرِطُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الرَّجْعَةَ- أَسْأل اللَّهَ أَنْ يَكُونَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ"، فَمَا قَامَ رَجُلٌ مِنَ القوْمِ، مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَشِدَّةِ الْجُوعِ، وَشِدَّةِ الْبَرْدِ (٢).

وَنَجَمَ (٣) النِّفَاقُ، وتَكَلَّمَ الذِينَ فِي قلوبِهِمْ مَرضٌ بِمَا فِي نُفُوسِهِم حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَعِدُنَا أَنْ نَأْكُلَ كُنُوزَ كِسْرَى وَقَيْصَرَ، وَأَحَدُنَا الْيَوْمَ لَا


(١) في ظِلالِ القرآن (٥/ ٢٨٣٢).
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٣٣٣٤) - وابن إسحاق في السيرة (٣/ ٢٥٥).
(٣) نَجَمَ: ظَهَرَ. انظر النهاية (٥/ ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>