للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ عَمْرُو بْنُ وُدٍّ: عِنْدَكَ مِنْ أَعْمَامِكَ مَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْكَ، وَإِنَّ أَبَاكَ كَانَ نَدِيمًا (١) لِي، فَلَا أُحِبُّ قِتَالَكَ فَانْصَرِفْ.

فَقَالَ عَلِيٌّ -رضي اللَّه عنه-: يَا عَمْرُو! إِنَّكَ قَدْ كُنْتَ عَاهَدْتَ اللَّهَ أَلَّا يَدْعُوكَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى إِحْدَى خُلَّتَيْنِ إِلَّا أَخَذْتَهَا مِنْهُ، قَالَ لَهُ: أَجَل.

قَالَ عَلِيٌّ -رضي اللَّه عنه-: فَإِنِّي أَدْعُوكَ إِلَى اللَّهِ، وَإِلَى رَسُولهِ، وَإلى الْإِسْلَامِ، قَالَ: لَا حَاجَةَ لِي بِذَلِكَ، قَالَ عَلِيٌّ -رضي اللَّه عنه-: فَإِنِّي أَدْعُوكَ إِلَى النِّزالِ (٢)، فَقَالَ لَهُ: لِمَ يَا ابْنَ أَخِي؟ فَوَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَكَ.

فَقَالَ عَلِيٌّ -رضي اللَّه عنه-: وَلَكِنْ وَاللَّهِ أُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَكَ، فَحَمِيَ عَمْرُو بْنُ وُدٍّ عِنْدَ ذَلِكَ فَاقْتَحَمَ (٣) عَنْ فَرَسِهِ وَسَلَّ سَيْفَهُ، فَعَقَرَ (٤) فَرَسَهُ وَضَرَبَ وَجْهَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ نَحْوَ عَلِيٍّ -رضي اللَّه عنه- مُغْضَبًا، وَاسْتَقْبَلَهُ عَلِيٌّ -رضي اللَّه عنه- بِدُرْقَتِهِ (٥) فَضَرَبَهُ عَمْرٌو فِي الدُّرْقَةِ فَقَدَّهَا (٦) وَأَثْبَتَ فِيهَا السَّيْفَ، وَأَصَابَ رَأْسَهُ فَشَجَّهُ، فَضَرَبَهُ عَلِيٌّ -رضي اللَّه عنه- عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ (٧) فَسَقَطَ وَثَارَ العَجَاجُ (٨) وَكَبَّرَ، فَعَرَفَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ قَدْ قتَلَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ


(١) النَّديمُ: الذي يُرافِقُكَ ويُشَارِبُكَ. انظر لسان العرب (١٤/ ٩٥).
(٢) النِّزالُ: بكسر النُّونِ: هو تَقَابُلُ القَرِينَيْنِ للقتالِ. انظر النهاية (٥/ ٣٧).
(٣) اقْتَحَمَ: أي رمى بنفسه عن الفرسِ ونزلَ منه. انظر لسان العرب (١١/ ٤٧).
(٤) عَقَرَ: قتَلَ. انظر النهاية (٣/ ٢٤٦).
(٥) الدُّرْقَةُ: التِّرْسُ من الجُلُودِ. انظر لسان العرب (٤/ ٣٣٣).
(٦) القَدُّ: القَطْعُ والشَّقُّ. انظر النهاية (٤/ ١٩).
(٧) العَاتِقُ: ما بين المَنْكِبِ والعُنُقِ. انظر لسان العرب (٩/ ٣٨).
(٨) العَجَاجُ: الغُبَارُ. انظر لسان العرب (٩/ ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>