للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانُوا حُلَفَاءَهُ وَمَوَالِيهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَاسْتَمْسَكَ عِرْقُهُ (١)، فَمَا قَطَرَ قَطْرَةً حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ -رضي اللَّه عنه- (٢).

قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَدْ اسْتَجَابَ اللَّهُ دَعْوَةَ وَليِّهِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ -رضي اللَّه عنه- فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، وَأَقرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ، فَحَكَمَ فِيهِمْ بِقُدْرَتِهِ وَتَيْسِيرِهِ، وَجَعَلَهُمْ هُمُ الذِينَ يَطْلُبُونَ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، فَحَكَمَ بِقَتْلِ مُقَاتِلَتِهِمْ وَسَبْيِ ذَرَارِيهِمْ حَتَّى قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ فَوْقَ سَبْعِ أَرْقِعَةٍ" (٣).

ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِأَنْ يُحْمَلَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ -رضي اللَّه عنه- إِلَى الْمَسْجِدِ لِيُطَبَّبَ فِيهِ، وَليَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ، فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ حِبَّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ: رَمَاهُ فِي الْأَكْحَلِ فَضَرَبَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ (٤).


(١) في رواية الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٥٠٩٧) - وابن حبان في صحيحه - رقم الحديث (٧٠٢٨) قالت عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَبَرِأَ كَلْمُهُ.
والكَلْمُ: الجُرْحُ. انظر النهاية (٤/ ١٧٣).
(٢) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب السلام - باب لكل داء دواء - رقم الحديث (٢٢٠٨) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (٣٥٧٩).
(٣) انظر البداية والنهاية (٤/ ٤٩٢) - وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَرْقِعَةٍ" يعني سبعَ سمواتٍ، وكل سَماءٍ يُقال لها رَقِيعٌ، والجمع: أَرْقِعَةُ. انظر النهاية (٢/ ٢٢٨).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب مرجع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من الأحزاب - رقم الحديث (٤١٢٢) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب جواز قتال من نقض العهد - رقم الحديث (١٧٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>