للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ مُشْكِلِ الآثَارِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى رسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ: مَنْ هَذَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الذِي مَاتَ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءَ، وَتَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ؟ قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَإِذَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ -رضي اللَّه عنه- (١).

وَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى سَعْدٍ -رضي اللَّه عنه- خَرَجَ مُسْرِعًا خَشْيَةَ أَنْ تُغَسِّلَهُ الْمَلَائِكَةُ، فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ فِي طَبَقَاتِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: لَمَّا أُصِيبَ أَكْحَلُ سَعْدٍ -رضي اللَّه عنه- يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَثَقُلَ، حَوَّلُوهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا: رُفَيْدَةُ، وَكَانَتْ تُدَاوِي الْجَرْحَى، فَكَانَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِذَا مَرَّ بِهِ يَقُولُ: "كَيْفَ أَمْسَيْتَ؟ "، وَإِذَا أَصْبَحَ قَالَ: "كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ "، فَيُخْبِرُهُ، حَتَّى كَانَتِ اللَّيْلَةُ التِي نَقَلَهُ قَوْمُهُ فِيهَا فَثَقُلَ، فَاحْتَمَلُوهُ إِلَى بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ إِلَى مَنَازِلهِمْ، وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَمَا كَانَ يَسْأَلُهُ عَنْهُ، فَقَالُوا: قَدِ انْطَلَقُوا بِهِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَخَرَجْنَا مَعَهُ، فَأَسْرَعَ الْمَشْيَ حَتَّى تَقَطَّعَتْ شُسُوعُ (٢) نِعَالِنَا، وَسَقَطَتْ أَرْدِيَتُنَا عَنْ أَعْنَاقِنَا، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتْعَبْتَنَا فِي الْمَشْي، فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَسْبِقَنَا الْمَلَائِكَةُ إِلَيْهِ فتغَسِّلَهُ كَمَا غَسَّلَتْ حَنْظَلَة".

فَانْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى الْبَيْتِ، وَسَعْدٌ يُغَسَّلُ وَأُمُّهُ تَبْكِي، وَهِيَ تَقُولُ:


(١) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (٤١٧٣).
(٢) الشِّسْعُ: هو أَحَدُ سُيُورِ النَّعْلِ، وهو الذي يُدْخَلُ بَيْنَ الأُصْبُعَيْنِ. انظر النهاية (٢/ ٤٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>