للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَرِيَّةُ كُرْزِ بْنِ جَابرٍ الْفِهْرِيِّ -رضي اللَّه عنه- إِلَى الْعُرَنِيِّينَ

وَفِي شَوَّالَ مِنَ السَّنَةِ السَّادِسَةِ لِلْهِجْرَةِ، قَدِمَ ثَمَانِيَةُ نَفَرٍ مِنْ عُكْلٍ (١) وَعُرَيْنَةَ (٢) الْمَدِينَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَأَظْهَرُوا الْإِسْلَامَ، وَبَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَاجْتَوَوْا (٣) الْمَدِينَةَ، وَسَقِمَتْ أَجْسَامُهُمْ، فَعَظُمَتْ بُطُوُنهُمْ، وَانْتُهِشَتْ (٤) أَعْضَاؤُهُمْ.

قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ قَدِمُوا سِقَامًا، فَلَمَّا صَحُّوا مِنَ السَّقَمِ كَرِهُوا الْإِقَامَةَ بِالْمَدِينَةِ لَوَخَمِهَا، فَأَمَّا السَّقَمُ الذِي كَانَ بِهِمْ فَهُوَ الْهُزَالُ الشَّدِيدُ، وَالْجَهْدُ مِنَ الْجُوعِ، فَعِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ أَنَسٍ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ: كَانَ بِهِمْ هُزَالٌ شَدِيدٌ، مُصْفَرَّةٌ أَلْوَانُهُمْ (٥).

فَشَكَوا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! إِنَّا كُنَّا أَهْلَ ضَرْعٍ وَلَمْ


(١) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (١/ ٤٤٩): عُكْلٌ بضم العين وإسكان الكاف قبيلة من ثَيْمِ الرَّبَابِ.
(٢) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (١/ ٤٤٩): عُرَيْنَةُ بضم العين مصغرًا حي من قبيلة بَجِيلَةَ.
(٣) اجْتَوَوْا المدينةَ: أي أَصابَهُمُ الْجَوى، وهو المرض وداءُ الجوفِ إذا تَطَاوَلَ، وذلك إذا لم يوافقهم هواؤُهَا. انظر النهاية (١/ ٣٠٧).
وفي رواية أخرى في صحيح البخاري - رقم الحديث (٤١٩٢) قال أنس -رضي اللَّه عنه-: وَاسْتَوْخَمُوا المدينةَ.
اسْتَوْخَمُوهَا: أي اسْتَثْقَلُوهَا، ولم يُوافِقْ هواؤُها أبدانَهُم. انظر النهاية (٥/ ١٤٤).
(٤) انْتُهِشَتْ: أي هُزِلَتْ. انظر النهاية (٥/ ١٢٠).
(٥) انظر فتح الباري (١/ ٤٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>