للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَمَّى اللَّهُ عَلَيْهِمُ السَّبِيلَ، فَمَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ حَتَّى أَدْرَكُوهُمْ فَأَحَاطُوا بِهِمْ، وَأَسَرُوهُمْ، وَرَبَطُوهُمْ، وَأَرْدَفُوهُمْ عَلَى الْخَيْلِ حَتَّى قَدِمُوا بِهِمُ الْمَدِينَةَ.

فَأَمَرَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقُطِعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ، وَسُمِّرَتْ (١) أَعْيُنُهُمْ، وَأُلْقُوا فِي الْحَرَّةِ (٢) يَسْتَسْقونَ فَلَا يُسْقَوْنَ حَتَّى مَاتُوا.

رَوَى الْإِمَامُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَنَسٍ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا سَمَلَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَعْيُنَ أُولَئِكَ، لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرِّعَاءِ (٣).

قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: فَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ سَرَقُوا، وَقَتَلُوا، وَكَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ، وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ.

وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي هَؤُلَاءِ الْعُرَنِيِّينَ قَوْلَه تَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ


(١) سُمِّرَتْ أعينُهُمْ: بتشديد الميم، وفي رواية: سَمَر: بتخفيف الميم: أي أحمى لهم مَسَامِيرَ الحديدِ ثم كَحَلَهُمْ بِهَا. انظر النهاية (٢/ ٣٥٩).
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (١/ ٤٥٣): قد وقع التصريح بالمراد عند البخاري - رقم الحديث (٣٠١٨) قال أنس -رضي اللَّه عنه-: ثم أمر رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بمسامير فأحميت فكحلهم بها.
وفي رواية مسلم في صحيحه - رقم الحديث (١٦٧١) (٩): قال أنس -رضي اللَّه عنه-: وسَمَل أعينهم. والسَّمْلُ: فَقْءُ العينِ بأي شيء كان. انظر النهاية (٢/ ٣٦٣).
(٢) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (١/ ٤٥٣): الْحَرَّةُ: هي أرضٌ ذاتُ حجارةٍ سودٍ معروفة بالمدينة، وإنما ألقوا فيها لأنها قرب المكان الذي فعلوا فيه ما فعلوا.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب القسامة والمحاربين - باب حكم المحاربين والمرتدين - رقم الحديث (١٦٧١) (١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>