للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَرَكَتِهِ خَطْفَةً، فَيَتْبَعُهُ الشِّهَابُ، فَإِنْ أَصَابَهُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا لِأَصْحَابِهِ فَأَتَتْ وإِلَّا سَمِعُوهَا، وتَدَاوَلُوهَا، وهَذَا يَرِدُ عَلَى قَوْلِ الإِمَامِ السُّهَيْلِيِّ المُقَدَّمِ ذِكْرُهُ (١).

* وَهْمُ ابْنِ إسْحَاقَ وابنِ سَعْدٍ:

قُلْتُ: ذَكَرَ ابنُ إسْحَاقَ (٢)، وابْنُ سَعْدٍ (٣): أَنَّ إسْلَامَ الجِنِّ والْتِقَائَهُمْ بالنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وهُوَ يَقْرَأُ القُرْآنَ -لِأَوَّلِ مَرَّةٍ- كَانَ بَعْدَ رُجُوعِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنَ الطَّائِفِ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِي طَالِبٍ، وخَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وهَذَا فِيهِ نَظَرٌ.

قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: ذَكَرَ مُحَمَّدُ بنُ إسْحَاقَ في السِّيرَةِ قِصَّةَ خُرُوجِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى الطَّائِفِ، ودُعَائِهِ إيَّاهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وإبَائِهِمْ عَلَيْهِ، فَذَكَرَ القِصَّةَ بِطُولِهَا، وأورَدَ ذَلِكَ الدُّعَاءَ الحَسَنَ: "اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِي وقِلَّةَ حِيلَتِي. . إِلَى آخِرِهِ". قَالَ: فَلَمَّا انْصَرَفَ عَنْهُمْ بَاتَ بِنَخْلَةٍ، فَقَرَأَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مِنَ القُرْآنِ، فَاسْتَمَعَهُ الجِنُّ مِنْ أَهْلِ نَصِيبِينَ.

وهَذَا صَحِيحٌ، ولَكِنْ قَوْلُهُ: إِنَّ الجِنَّ كَانَ اسْتِمَاعُهُمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الجِنَّ كَانَ اسْتِمَاعُهُمْ في ابْتِدَاءِ الإيحَاءَ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ (٤).


(١) انظر فتح الباري (٩/ ٦٧٧).
(٢) انظر سيرة ابن هشام (٢/ ٣٥).
(٣) انظر الطبَّقَات الكُبْرى (١/ ١٠٢).
(٤) انظر تفسير ابن كثير (٧/ ٢٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>