للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- المُسْلِمِينَ فَقَالَ: "اسْلُكُوا ذَاتَ اليَمِينِ"، بَيْنَ ظَهْرَيْ الحَمْضِ فِي طَرِيقٍ تُخْرِجُهُمْ عَلَى ثَنِيَّةِ (١) المِرَارِ (٢) مَهْبَطِ الحُدَيْبِيَةِ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ، فَسَلَكَ الجَيْشُ ذَلِكَ الطَّرِيقَ، فَلَمَّا رَأَتْ خَيْلَ قُرَيْشٍ قَتَرَةَ (٣) الجَيْشِ قَدْ خَالفوا عَنْ طَرِيقِهِمْ، نَكَصُوا رَاجِعِينَ إِلَى قُرَيْشٍ (٤).

وَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَتَّى إِذَا وَصَلَ إِلَى ثَنِيَّةِ المِرَارِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: "مَنْ يَصْعَدُ (٥) الثَّنِيَّةَ، ثَنِيَّةَ المِرَارِ، فَإِنَّهُ يَحُطُّ عَنْهُ مَا حُطَّ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ" (٦).


= قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في تفسير هذه الآية (١/ ٢٧٥): وحاصِلُ الأمر: أنهم أُمِرُوا أن يخضَعُوا للَّه تَعَالَى عند الفتح بالفعل والقولِ، وأن يعتَرِفُوا بذنوبهم ويستغفروا منها. . . وإذا فعلتم ما أمَرْنَاكم من الاستغفار والشكر غفرنا لكم الخطيئات وضاعفنا لكم الحسنات. لكنهم لم يفعلوا ما أُمِروا به فذهب عليهم الأجر من اللَّه تَعَالَى.
(١) الثنِيَّة: هو الطريق العالي في الجبل. انظر النهاية (١/ ٢٢٠).
(٢) المِرارُ: بكسر الميم، وبضمها: موضعٌ بين مكة والمدينة من طريق الحديبية. انظر النهاية (١/ ٢٢٠).
(٣) القَتَرَة: بفتح القاف: الغُبَارُ. انظر النهاية (٤/ ١١).
(٤) أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٨٩١٠) - وابن إسحاق في السيرة (٣/ ٣٣٨) وإسناده حسن.
(٥) قال ابن الأثير في النهاية (١/ ٢٢٠): وإنما حثَّهُم رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- علي صُعُودها لأنها عَقَبَة شاقّة وصَلُوا إليها ليلًا، فرغبهم في صعودها.
(٦) الذي حُط عن بني إسرائيل هو ذنوبهم، قال تَعَالَى في سورة البقرة آية (٥٨): {وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ}. وانظر النهاية (١/ ٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>